لِأَنَّهَا هِيَ أَصْلُ الْفُجُورِ وَمُتَّبَعَةٌ بِإِطْمَاعِهَا، وَلِذَلِكَ كَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي آيَةِ الْجَلْدِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخُوَيْلَةَ: «وَالرَّجْمُ أَهْوَنُ عَلَيْكِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ» .
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ إِلَى آخِرِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ فَضْلُهُ مِنَّتُهُ وَرَحْمَتُهُ نِعْمَتُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ: فَضْلُهُ الْإِسْلَامُ وَرَحْمَتُهُ الْكِتْمَانُ. وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَ الرَّامِي الْمُحْصَنَاتِ وَالْأَزْوَاجِ كَانَ فِي فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ اللِّعَانَ سَبِيلًا إِلَى السَّتْرِ وَإِلَى دَرْءِ الْحَدِّ وَجَوَابُ لَوْلا مَحْذُوفٌ. قَالَ التَّبْرِيزِيُّ: تَقْدِيرُهُ لَهَلَكْتُمْ أَوْ لَفَضَحَكُمْ أَوْ لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ أَوْ لَتَبَيَّنَ الْكَاذِبُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَكَشَفَ الزُّنَاةَ بِأَيْسَرَ مِنْ هَذَا أَوْ لَأَخَذَهُمْ بِعِقَابٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي يُوجِبُ تَقْدِيرَهَا إِبْهَامُ الجواب.
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هَذَا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (20)
سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ مَشْهُورٌ مَذْكُورٌ فِي الصَّحِيحِ، وَالْإِفْكُ: الْكَذِبُ وَالِافْتِرَاءُ.
وقيل: هو البهتان لَا تَشْعُرُ بِهِ حَتَّى يَفْجَأَكَ. وَالْعُصْبَةُ: الْجَمَاعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. مِنْكُمْ أَيْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ وَمِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُمْ