هُوَ ذلِكَ وَجَعَلَ مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ أَبُو عَلِيُّ الْفَارِسِيُّ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ إِذْ يُجِيزُونَ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا، وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ إِلَّا فِي ذَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا الِاسْتِفْهَامُ بِمَا أَوْ مَنْ.

الثَّالِثُ: أن يكون يَدْعُوا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وذلِكَ مُبْتَدَأٌ وَهُوَ فَصْلٌ أَوْ مُبْتَدَأٌ وَحَذَفَ الضَّمِيرَ مِنْ يَدْعُوا أَيْ يَدْعُوهُ وَقَدَّرَهُ مَدْعُوًّا وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ يَدْعُوهُ لَا يُقَدَّرُ مَدْعُوًّا إِنَّمَا يُقَدَّرُ دَاعِيًا، فَلَوْ كَانَ يُدْعَى مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَكَانَ تَقْدِيرُهُ مَدْعُوًّا جَارِيًا عَلَى الْقِيَاسِ. وَقَالَ نَحْوَهُ الزَّجَّاجُ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِقَوْلِهِ لَمَنْ ضَرُّهُ فَوُجُوهٌ.

أَحَدُهَا: مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ وهو أن يَدْعُوا بمعنى يقول ولَمَنْ مُبْتَدَأٌ مَوْصُولٌ صِلَتُهُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ. وَهِيَ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ إِلَهٌ وَإِلَهِيٌّ.

وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَحْكِيَّةٌ بِيَدْعُو الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى يَقُولُ، قِيلَ: هُوَ فَاسِدُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْكَافِرَ لَمْ يَعْتَقِدْ قَطُّ أَنَّ الْأَوْثَانَ ضَرُّهَا أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهَا. وَقِيلَ: فِي هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ لَبِئْسَ مُسْتَأْنَفًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي الْحِكَايَةِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَقُولُونَ عَنْ أَصْنَامِهِمْ لَبِئْسَ الْمَوْلى.

الثَّانِي: أَنْ يَدْعُوا بِمَعْنَى يُسَمِّي، وَالْمَحْذُوفُ آخِرًا هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِيُسَمَّى تَقْدِيرُهُ إِلَهًا وَهَذَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِتَقْدِيرِ زِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ يَدْعُو مَنْ ضَرُّهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّ يَدْعُوَ شُبِّهَ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنِ اعْتِقَادٍ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُضَمَّنَ مَعْنَى يَزْعُمُ وَيُقَدَّرَ لِمَنْ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِيَدْعُوَ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ الْفَارِسِيُّ.

الرابع: مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَهُوَ أَنَّ اللَّامَ دَخَلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا والتقدير يدعوا مَنْ لَضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ، وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي صِلَةِ الْمَوْصُولِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْصُولِ.

الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ اللام زائدة للتوكيد، ومن مَفْعُولٌ بِيَدْعُو وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَوَاضِعِ زِيَادَةِ اللَّامِ، لَكِنْ يُقَوِّيهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ يَدْعُو مَنْ ضَرُّهُ بِإِسْقَاطِ اللَّامِ، وَأَقْرَبُ التَّوْجِيهَاتِ أَنْ يَكُونَ يَدْعُوا تَوْكِيدًا لِيَدْعُو الْأَوَّلِ وَاللَّامُ فِي لَمَنْ لَامُ الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ قَسَمٌ مَحْذُوفٌ، وَجَوَابُهُ لَبِئْسَ الْمَوْلى والظاهر أن يَدْعُوا يُرَادُ بِهِ النِّدَاءَ وَالِاسْتِغَاثَةَ. وقيل: معناه بعيد، والْمَوْلى هُنَا النَّاصِرُ وَالْعَشِيرُ الصَّاحِبُ الْمُخَالِطُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَالَةَ مَنْ يَعْبُدُهُ عَلَى حَرْفٍ وَسَفَّهَ رَأْيَهُ وَتَوَعَّدَهُ بِخُسْرَانِهِ فِي الْآخِرَةِ عَقَّبَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015