كَانَ نَالَهُ حِينَ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَمُدَّةُ بَقَائِهِ فِي بَطْنِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: نُنْجِي مُضَارِعُ أَنْجَى، وَالْجَحْدَرِيُّ مُشَدَّدًا مُضَارِعُ نَجَّى. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ نَجَّى بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ وَمَصَاحِفِ الْأَمْصَارِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيدٍ لِمُوَافَقَةِ الْمَصَاحِفِ فَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَارِسِيُّ هِيَ لَحْنٌ. وَقِيلَ: هِيَ مُضَارِعٌ أُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الْجِيمِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْغَامُ النُّونِ فِي الْجِيمِ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ كَمَا حُذِفَتْ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ وَنَزَلَ الْمَلَائِكَةُ يُرِيدُ وَنُنْزِلُ الْمَلَائِكَةَ، وَعَلَى هَذَا أَخْرَجَهَا أَبُو الْفَتْحِ. وَقِيلَ: هِيَ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَسُكِّنَتِ الْيَاءُ كَمَا سَكَّنَهَا مَنْ قرأ وذر وإما بَقِيَ مِنَ الرِّبَا وَالْمَقَامُ مَقَامُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ أَيْ نَجَّى، هُوَ أَيِ النَّجَاءُ الْمُؤْمِنِينَ كَقِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ لِيَجْزِيَ قَوْماً (?) أَيْ وَلِيَجْزِيَ هُوَ أَيِ الْجَزَاءَ، وَقَدْ أَجَازَ إِقَامَةَ غَيْرِ الْمَفْعُولِ مِنْ مَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفِ مَكَانٍ أَوْ ظَرْفِ زَمَانٍ أَوْ مَجْرُورٍ الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو عُبَيدٍ، وَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ وَجَاءَ السَّمَاعُ فِي إِقَامَةِ الْمَجْرُورِ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
أُتِيحَ لِي مِنَ الْعِدَا نَذِيرَا ... بِهِ وُقِيتُ الشَّرَّ مُسْتَطِيرَا
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: فِي الْمَسَائِلِ ضَرَبَ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ زَيْدًا، وَضَرَبَ الْيَوْمَانِ زَيْدًا، وَضَرَبَ مَكَانُكَ زَيْدًا وَأَعْطَى إِعْطَاءَ حَسَنٍ أَخَاكَ دِرْهَمًا مَضْرُوبًا عَبْدَهُ زَيْدًا. وَقِيلَ: ضَمِيرُ الْمَصْدَرِ أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ والْمُؤْمِنِينَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ وكذلك نَجَّى هُوَ أَيِ النَّجَاءُ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْمَفْعُولُ بِهِ لَمْ يُقِمْ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ اللُّبَابِ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ ذَلِكَ.
لَا تَذَرْنِي فَرْداً أَيْ وَحِيدًا بِلَا وَارِثَ، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا يَرِثُهُ ثُمَّ رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ أَيْ إِنْ لَمْ تَرْزُقْنِي مَنْ يَرِثُنِي فَأَنْتَ خَيْرُ وَارِثٍ، وَإِصْلَاحُ زَوْجِهِ بِحُسْنِ خُلُقِهَا، وَكَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ قَالَهُ عَطَاءٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَقِيلَ: إِصْلَاحُهَا لِلْوِلَادَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَاقِرًا قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: إصلاحها رد شبابها إليها، وَالضَّمِيرُ فِي إِنَّهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقُ ذِكْرُهُمْ أَيْ إِنَّ اسْتِجَابَتِنَا لَهُمْ فِي طَلَبَاتِهِمْ كَانَ لِمُبَادَرَتِهِمُ الْخَيْرَ وَلِدُعَائِهِمْ لَنَا.
رَغَباً وَرَهَباً أَيْ وَقْتَ الرَّغْبَةِ وَوَقْتَ الرَّهْبَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا