بِالِانْتِهَاءِ، أَوْ لاسْتِطَالَتِهِمُ الْآخِرَةَ وَأَنَّهَا أَبَدٌ سَرْمَدٌ يُسْتَقْصَرُ إِلَيْهَا عُمْرُ الدُّنْيَا، وَيُقَالُ لَبِثَ أَهْلُهَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى لُبْثِهِمْ فِي الْآخِرَةِ وإِذْ معمولة لأعلم. وأَمْثَلُهُمْ أعدلهم.
وطَرِيقَةً مَنْصُوبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ. إِلَّا يَوْماً إِشَارَةٌ لِقِصَرِ مُدَّةِ لبثهم. وإِلَّا عَشْراً يُحْتَمَلُ عَشْرُ لَيَالٍ أَوْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، لِأَنَّ الْمُذَكَّرَ إِذَا حُذِفَ وَأُبْقِيَ عَدَدُهُ قَدْ لَا يَأْتِي بِالتَّاءِ. حَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ: صُمْنَا مِنَ الشَّهْرِ خَمْسًا، وَمِنْهُ مَا جَاءَ
فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، يُرِيدُ سِتَّةَ أَيَّامٍ
وَحَسَّنَ الْحَذْفَ هُنَا كَوْنُ ذَلِكَ فَاصِلَةَ رَأْسِ آيَةٍ ذُكِرَ أَوَّلًا مُنْتَهَى أَقَلِّ الْعَدَدِ وَهُوَ الْعَشْرُ، وَذَكَرَ أَعْدَلُهُمْ طَرِيقَةً أَقَلَّ الْعَدَدِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ وَدَلَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إِلَّا يَوْماً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ عَشْراً عَشَرَةُ أَيَّامٍ.
وَضَمِيرُ الْغَائِبِ في وَيَسْئَلُونَكَ عَائِدٌ عَلَى قُرَيْشٍ مُنْكِرِي الْبَعْثِ أَوْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ. وَالْكَافُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالظَّاهِرُ وُجُودُ السُّؤَالِ وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ سُؤَالٌ بَلِ الْمَعْنَى أَنْ يَسْأَلُوكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ فَضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، فَلِذَلِكَ أُجِيبَ بِالْفَاءِ
وَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ على الجبال ريحا فيدكدكها حَتَّى تَكُونَ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ، ثُمَّ يَتَوَالَى عَلَيْهَا حَتَّى يُعِيدَهَا كَالْهَبَاءِ الْمُنْبَثِّ فَذَلِكَ هُوَ النَّسْفُ
، وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي فَيَذَرُها عَلَى الْجِبَالِ أَيْ بَعْدَ النَّسْفِ تَبْقَى قَاعًا أَيْ مُسْتَوِيًا مِنَ الْأَرْضِ مُعْتَدِلًا. وَقِيلَ فَيَذْرُ مَقَارَّهَا وَمَرَاكِزَهَا. وَقِيلَ:
يَعُودُ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ الْجِبَالِ عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِوَجاً مَيْلًا وَلا أَمْتاً أَثَرًا مِثْلَ الشِّرَاكِ. وَعَنْهُ أَيْضًا عِوَجاً وَادِيًا وَلا أَمْتاً رَابِيَةً. وَعَنْهُ أَيْضًا الْأَمْتُ الِارْتِفَاعُ. وَقَالَ قَتَادَةُ عِوَجاً صَدْعًا وَلا أَمْتاً أَكَمَةً. وَقِيلَ: الْأَمْتُ الشُّقُوقُ فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: غِلَظُ مَكَانٍ فِي الفضاء والجبل ويرق فِي مَكَانٍ حَكَاهُ الصُّولِيُّ. وَقِيلَ: كَانَ الْأَمْتُ فِي الْآيَةِ الْعِوَجَ فِي السَّمَاءِ تُجَاهَ الْهَوَاءِ، وَالْعِوَجُ فِي الْأَرْضِ مُخْتَصٌّ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: قد فَرَّقُوا بَيْنَ الْعِوَجِ وَالْعَوَجِ فَقَالُوا: الْعِوَجُ بِالْكَسْرِ فِي الْمَعَانِي، وَالْعَوَجُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَرْضِ، فَكَيْفَ صَحَّ فِيهَا الْمَكْسُورُ الْعَيْنِ؟ قُلْتُ:
اخْتِيَارُ هَذَا اللَّفْظِ لَهُ مَوْقِعٌ حَسَنٌ بَدِيعٌ فِي وَصْفِ الْأَرْضِ بِالِاسْتِوَاءِ وَالْمَلَاسَةِ وَنَفْيُ الِاعْوِجَاجِ عَنْهَا عَلَى أَبْلَغِ مَا يَكُونُ، وَذَلِكَ أَنَّكَ لَوْ عَمَدْتَ إِلَى قِطْعَةِ أَرْضٍ فَسَوَّيْتَهَا وَبَالَغْتَ فِي التَّسْوِيَةِ عَلَى عَيْنِكَ وَعُيُونِ الْبُصَرَاءِ مِنَ الْفِلَاحَةِ، وَاتَّفَقْتُمْ عَلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا اعْوِجَاجٌ قَطُّ ثُمَّ اسْتَطْلَعْتَ رَأْيَ الْمُهَنْدِسِ فِيهَا وَأَمَرْتَهُ أَنْ يَعْرِضَ اسْتِوَاءَهَا عَلَى الْمَقَايِيسِ الْهَنْدَسِيَّةِ لَعَثَرَ فِيهَا