بَيْنِ السَّعَفِ، ثُمَّ اخْضَرَّ فَصَارَ بَلَحًا، ثُمَّ احْمَرَّ فَصَارَ زَهْوًا ثُمَّ رُطَبًا كُلُّ ذَلِكَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَجَعَلَ الرُّطَبُ يَقَعُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا لَا يتسرح منه شيء. وإلى حَرْفٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَهُزِّي وَهَذَا جَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَتَعَدَّى إِلَى الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ، وَقَدْ رُفِعَ الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ ظَنَّ وَلَا فَقَدَ وَلَا عَلِمَ وَهُمَا لِمَدْلُولٍ وَاحِدٍ لَا يُقَالُ: ضَرَبْتُكَ وَلَا زَيْدٌ ضَرَبَهُ أَيْ ضَرَبَ نَفْسَهُ وَلَا ضَرَبَنِي إِنَّمَا يُؤْتَى فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّرَاكِيبِ بِالنَّفْسِ فَتَقُولُ: ضَرَبْتَ نَفْسَكَ وَزَيْدٌ ضَرَبَ نَفْسَهُ وَضَرَبْتُ نَفْسِي وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ عِنْدَهُمْ كَالضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فَلَا تَقُولُ: هَزَزْتُ إِلَيْكَ وَلَا زَيْدٌ هَزَّ إِلَيْهِ وَلَا هَزَزْتَ إِلَيَّ وَلِهَذَا زَعَمُوا فِي قَوْلِ الشاعر:
دع عنك نهيا صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ ... وَلَكِنْ حديثا ما حدثت الرَّوَاحِلِ
وَفِي قَوْلِ الْآخَرِ:
وَهَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْأُمُو ... رَ بِكَفِّ الْإِلَهِ مَقَادِيرُهَا
إِنَّ عَنْ وَعَلَى لَيْسَا حَرْفَيْنِ وَإِنَّمَا هُمَا اسْمَانِ ظَرْفَانِ، وَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ عَنْ وَعَلَى قَدْ ثَبَتَ كَوْنُهُمَا اسْمَيْنِ فِي قَوْلِهِ:
مِنْ عَنْ يَمِينِ الْحُبَيَّا نَظْرَةٌ قَبَلُ وَفِي قَوْلِهِ:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بعد ما تَمَّ ظِمْؤُهَا وَبَعْضُ النَّحْوِيِّينَ زَعَمَ أَنَّ عَلَى لَا تَكُونُ حَرْفًا أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّهَا اسْمٌ فِي كُلِّ مَوَارِدِهَا وَنُسِبَ إِلَى سِيبَوَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى أَنَّ إِلَى تَكُونُ اسْمًا لِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ عَلَى حَرْفِيَّتِهَا كَمَا قُلْنَا.
وَنَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُزِّي إِلَيْكِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ (?) وَعَلَى تَقْرِيرِ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ يَنْبَغِي تَأْوِيلُ هَذَيْنِ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إِلَيْكِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهُزِّي وَلَا بِاضْمُمْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ وَالتَّقْدِيرُ أَعْنِي إِلَيْكِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (?) وَمَا أَشْبَهَهُ عَلَى بَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ. وَالْبَاءُ فِي بِجِذْعِ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (?) . قَالَ أَبُو عَلِيٍّ كَمَا يُقَالُ: أَلْقَى بِيَدِهِ أَيْ ألقى يده. وكقوله: