الْوَصْفِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي الدُّنْيَا فِي أَيِّ نَعِيمٍ كَانَ فَهُوَ طَامِحُ الطَّرْفِ إِلَى أَرْفَعَ مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ نَفْيُ التَّحَوُّلِ وَتَأْكِيدُ الْخُلُودِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْحِوَلُ بِمَعْنَى التَّحَوُّلِ. قَالَ مُجَاهِدٌ مُتَحَوَّلًا. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

لِكُلِّ دَوْلَةٍ أَجَلْ ... ثُمَّ يُتَاحُ لَهَا حِوَلْ

وَكَأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ وَكَانَ وَاحِدُهُ حِوَالَةُ وَفِي هَذَا نَظَرٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ عَنْ قَوْمٍ: هِيَ بِمَعْنَى الْحِيلَةِ فِي التَّنَقُّلِ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُتَكَلَّفٌ.

قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ.

قِيلَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيُّ الْأُمَمِ كُلِّهَا وَمَبْعُوثٌ إِلَيْهَا، وَأَنَّكَ أُعْطِيتَ مَا يَحْتَاجُهُ النَّاسُ مِنَ الْعِلْمِ وَأَنْتَ مُقَصِّرٌ قَدْ سُئِلْتَ عَنِ الرُّوحِ فَلَمْ تُجِبْ فِيهِ؟ فَنَزَلَتْ

مُعْلِمَةً بِاتِّسَاعِ مَعْلُومَاتِ اللَّهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَأَنَّ الْوُقُوفَ دُونَهَا لَيْسَ بِبِدْعٍ وَلَا نُكْرٍ، فَعَبَّرَ عَنْ هَذَا بِتَمْثِيلِ مَا يَسْتَكْثِرُونَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ. وَقِيلَ قَالَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فِي كِتَابِكُمْ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (?) ثُمَّ تَقْرَءُونَ وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (?) فَنَزَلَتْ يَعْنِي إِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنَّهُ قَطْرَةٌ مِنْ بَحْرِ كَلِمَاتِ اللَّهِ قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ أَيْ مَاءُ الْبَحْرِ مِداداً وَهُوَ مَا يُمَدُّ بِهِ الدَّوَاةُ مِنَ الْحِبْرِ، وَمَا يُمَدُّ بِهِ السِّرَاجُ مِنَ السَّلِيطِ. وَيُقَالُ: السَّمَاءُ مِدَادُ الْأَرْضِ لِكَلِماتِ رَبِّي أَيْ مَعَدُّ الْكُتُبِ كَلِمَاتُ رَبِّي وَهُوَ عِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ، وَكُتِبَ بِذَلِكَ الْمِدَادِ لَنَفِدَ الْبَحْرُ أَيْ فَنِيَ مَاؤُهُ الَّذِي هُوَ الْمِدَادُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ الْكَلِمَاتُ لِأَنَّ كَلِمَاتِهِ تَعَالَى لَا يُمْكِنُ نَفَادُهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاهَى وَالْبَحْرُ يَنْفَدُ لِأَنَّهُ مُتَنَاهٍ ضَرُورَةً، وَلَيْسَ بِبِدْعٍ أَنْ أَجْهَلَ شَيْئًا مِنْ مَعْلُومَاتِهِ وإِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لَمْ أَعْلَمْ إِلَّا مَا أُوحِيَ إِلَيَّ بِهِ وَأُعْلِمْتُ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَعْمَشُ وَمُجَاهِدٌ وَالْأَعْرَجُ وَالْحَسَنُ وَالْمِنْقَرِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مَدَدا لِكَلِمَاتِ رَبِّي. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَنْفَدَ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى بِالْيَاءِ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ أَنْ تَنْفَدَ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى تَفَعَّلَ عَلَى الْمُضِيِّ، وَجَاءَ كَذَلِكَ عَنْ عَاصِمٍ وَأَبِي عَمْرٍو فَهُوَ مُطَاوِعٌ مِنْ نَفَّدَ مُشَدَّدًا نَحْوَ كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ. وَفِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ مُطَاوِعٌ لَأَنْفَدَ وجواب لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015