وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ الْمَعْنَى لَمْ يُخَالِفْ أَحَدًا وَلَا ابْتَغَى نَصْرَ أَحَدٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ نَاصِرٌ مِنَ الذُّلِّ وَمَانِعٌ لَهُ مِنْهُ لِاعْتِزَازِهِ بِهِ، أَوْ لَمْ يُوالِ أَحَدًا مِنْ أَجْلِ الْمَذَلَّةِ بِهِ لِيَدْفَعَهَا بِمُوالَاتِهِ انْتَهَى. وَقِيلَ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِأَنَّهُمْ أَذَلُّ النَّاسِ فَيَكُونُ مِنَ الذُّلِّ صِفَةً لِوَلِيٍّ انْتَهَى. أَيْ وَلِيٌّ مِنَ أَهْلِ الذُّلِّ، فَعَلَى هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ مِنَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ أَوْ لِلسَّبَبِ أَوْ لِلتَّبْعِيضِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ لَاقَ وَصْفُهُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ وَالذُّلِّ بِكَلِمَةِ التَّحْمِيدِ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إِيلَاءِ كُلِّ نِعْمَةٍ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ جِنْسَ الْحَمْدِ، وَالَّذِي تَقَرَّرَ أَنَّ النَّفْيَ تَسَلُّطٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى الْقَيْدِ أَيْ لَا ذُلَّ يُوجَدُ فِي حَقِّهِ فَيَكُونُ لَهُ وَلِيٌّ يَنْتَصِرُ بِهِ مِنْهُ، فَالذُّلُّ وَالْوَلِيُّ الَّذِي يَكُونُ اتِّخَاذُهُ بِسَبَبِهِ مُنْتَفِيَانِ.
وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً التَّكْبِيرُ أَبْلَغُ لَفْظَةٍ لِلْعَرَبِ فِي مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، وَأُكِّدَ بِالْمَصْدَرِ تَحْقِيقًا لَهُ وَإِبْلَاغًا فِي مَعْنَاهُ، وَابْتُدِئَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتُتِمَتْ بِهِ،
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْصَحَ الْغُلَامُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَّمَهُ هَذِهِ الْآيَةَ وقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ (?) إِلَى آخِرِهَا
والله أعلم.