وقرأ الكوفيون: تفجره مِنْ فَجَرَ مُخَفَّفًا وَبَاقِي السَّبْعَةِ مِنْ فَجَّرَ مُشَدَّدًا، وَالتَّضْعِيفُ لِلْمُبَالَغَةِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَالْأَعْمَشُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ أَفْجَرَ رُبَاعِيًّا وَهِيَ لُغَةٌ فِي فَجَّرَ الْأَرْضُ هُنَا أَرْضُ مَكَّةَ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا تَصَرُّفُ الْعَالَمِينَ وَمَعَاشُهُمْ، رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: أَزِلْ جِبَالَ مَكَّةَ وَفَجِّرْ لَنَا يَنْبُوعاً حَتَّى يَسْهُلَ عَلَيْنَا الْحَرْثُ والزرع وأحي لَنَا قُصَيًّا فَإِنَّهُ كَانَ صَدُوقًا يُخْبِرُنَا عَنْ صِدْقِكَ اقْتَرَحُوا لَهُمْ أَوَّلًا هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ اقْتَرَحُوا أُخْرَى له عليه السلام أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ وَهُمَا كَانَا الْغَالِبَ عَلَى بِلَادِهِمْ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَقْتَنُونَ، وَمَعْنَى خِلالَها أَيْ وَسَطَ تِلْكَ الْجَنَّةِ وَأَثْنَاءَهَا. فَتَسْقِي ذَلِكَ النَّخْلَ وَتِلْكَ الْكُرُومَ وَانْتَصَبَ خِلالَها عَلَى الظَّرْفِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تُسْقِطَ بِتَاءِ الْخِطَابِ مُضَارِعُ أَسْقَطَ السَّمَاءَ نَصْبًا، وَمُجَاهِدٌ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ مُضَارِعُ سَقَطَ السَّمَاءُ رَفْعًا، وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ كِسَفاً بِسُكُونِ السِّينِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِفَتْحِهَا. وَقَوْلُهُمْ كَما زَعَمْتَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ (?) . وَقِيلَ: كَما زَعَمْتَ إِنَّ رَبَّكَ إِنْ شَاءَ فَعَلَ. وَقِيلَ: هُوَ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ قوله أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً (?) . قَالَ أَبُو عَلِيٍّ قَبِيلًا مُعَايَنَةً كَقَوْلِهِ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا (?) . وَقَالَ غَيْرُهُ: قَبِيلًا كَفِيلًا مِنْ تقبله بكذا إذا كَفَلَهُ، وَالْقَبِيلُ وَالزَّعِيمُ وَالْكَفِيلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَبِيلًا كَفِيلًا بِمَا تَقُولُ شَاهِدًا لِصِحَّتِهِ، وَالْمَعْنَى أَوْ تَأْتِي بِاللَّهِ قَبِيلًا وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا كَقَوْلِهِ:

كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي بَرِّيًّا ... وَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ

أَيْ مُقَابِلًا كَالْعَشِيرِ بِمَعْنَى الْمُعَاشِرِ وَنَحْوَهُ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا أَوْ جَمَاعَةً حَالًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَرَأَ الأعرج قبلا م الْمُقَابَلَةِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مِنْ زُخْرُفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا تُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا قِرَاءَةٌ لِمُخَالَفَةِ السَّوَادِ وَإِنَّمَا هِيَ تَفْسِيرٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا الزُّخْرُفُ حَتَّى رَأَيْتُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الزُّخْرُفُ الزِّينَةُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الزُّخْرُفِ. وَفِي السَّماءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ فِي مَعَارِجِ السَّمَاءِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّماءِ هُنَا هِيَ الْمُظِلَّةُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِلَى مَكَانٍ عَالٍ وَكُلُّ مَا عَلَا وَارْتَفَعَ يُسَمَّى سَمَاءً وَقَالَ الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015