وَفِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ: قِطَعًا مُتَجَاوِرَاتٍ بِالنَّصْبِ عَلَى جَعَلَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَجَنَّاتٌ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِالنَّصْبِ، بِإِضْمَارِ فَعْلٍ. وَقِيلَ: عَطْفًا عَلَى رَوَاسِيَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بِالْعَطْفِ عَلَى زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ بِالْجَرِّ عَلَى كُلِّ الثَّمَرَاتِ انْتَهَى. وَالْأَوْلَى إِضْمَارُ فِعْلٍ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي هَذِهِ التَّخَارِيجِ، وَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَفْصٌ: وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ بِالرَّفْعِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى مُرَاعَاةِ قِطَعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: عَطْفًا عَلَى أَعْنَابٍ، وَلَيْسَتْ عِبَارَةً مُحَرَّرَةً أَيْضًا، لِأَنَّ فِيهَا مَا لَيْسَ بِعَطْفٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: صِنْوَانٌ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ: بِخَفْضِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مُرَاعَاةِ مِنْ أَعْنَابٍ قَالَ: وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مِنَ الْأَعْنَابِ مِنْ رَفْعِ الزَّرْعِ، وَالْجَنَّةُ حَقِيقَةً إِنَّمَا هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا الْأَعْنَابُ، وَفِي ذَلِكَ تَجُوزُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَأَنَّ عَيْنِي فِي غَرْبَيَّ مُقْبِلَةٌ ... مِنَ النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سحقه
أَيْ نَخِيلَ جَنَّةٍ، إِذْ لَا يُوصَفُ بِالسُّحْقِ إِلَّا النَّخْلُ. وَمَنْ خَفَضَ الزَّرْعَ فَالْجَنَّاتُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ لَا مِنَ الزَّرْعِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْمَزْرَعَةِ جَنَّةٌ إِلَّا إِذَا خَالَطَهَا ثَمَرَاتٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
صِنْوَانٌ بِكَسْرِ الصَّادِّ فِيهِمَا، وَابْنُ مُصَرِّفٍ وَالسُّلَمِيُّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِضَمِّهَا، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ بِفَتْحِهَا، وَبِالْفَتْحِ هُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، كَالسَّعْدَانِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ:
يُسْقَى بِالْيَاءِ، أَيْ: يُسْقَى مَا ذُكِرَ. وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَأَهْلِ مَكَّةَ. أَنَّثُوا لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ، ولقوله: ونفضل بِالنُّونِ. وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالْيَاءِ فِي تُسْقَى، وَفِي نُفَضِّلُ. وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَالْحَلَبِيُّ عَنْ عَبْدِ الوارث: ويفضل بالياء، وفتح الضاد بعضها بِالرَّفْعِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:
وَجَدْتُهُ كَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَّطَ الْمَصَاحِفَ. وَتَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ خِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي ضَمِّ الْكَافِ من الأكل وسكونها. والأكل بِضَمِّ الْهَمْزَةِ الْمَأْكُولُ كَالنَّقْضِ بِمَعْنَى الْمَنْقُوضِ، وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ. وَالظَّاهِرُ مِنْ تَفْسِيرِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ لِلصِّنْوَانِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: صِنْوَانٌ، صِفَةً لِقَوْلِهِ: وَنَخِيلٌ. وَمَنْ فَسَّرَهُ مِنْهُمْ بِالْمِثْلِ جَعَلَهُ وَصْفًا لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ: أَشْكَالٌ، وَغَيْرُ أَشْكَالٍ. قِيلَ: وَنَظِيرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قِنْوٌ وَقِنْوَانٌ، وَلَا يُوجَدُ لَهُمَا ثَالِثٌ ونص على الصنوان لِأَنَّهَا بِمِثَالِ التَّجَاوُرِ فِي الْقِطَعِ، فَظَهَرَ فِيهَا غَرَابَةُ اخْتِلَافِ الْأُكُلِ. وَمَعْنَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ: مَاءُ مَطَرٍ، أَوْ مَاءُ بَحْرٍ، أَوْ مَاءُ نَهَرٍ، أَوْ مَاءُ عَيْنٍ، أَوْ مَاءُ نَبْعٍ لَا يَسِيلُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَخَصَّ التَّفْضِيلَ فِي الْأُكُلِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاضِلَةً فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ غَالِبُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ