الضَّادِ، وَمَكَانُ يَمُرُّونَ يَمْشُونَ، وَالْمُرَادُ: مَا يَرَوْنَ مِنْ آثَارِ الْأُمَمِ الْهَالِكَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَرِ.
وَهُمْ مُشْرِكُونَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ: إِيمَانُهُمْ مُلْتَبِسٌ بِالشِّرْكِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مِنْ حَيْثُ كَفَرُوا بِنَبِيِّهِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ مَا قَالُوا فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ: هُمْ كُفَّارُ الْعَرَبِ أَقَرُّوا بِالْخَالِقِ الرَّازِقِ الْمُحْيِي الْمُمِيتِ، وَكَفَرُوا بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ.
وَقِيلَ: هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ قَالُوا: اللَّهُ رَبُّنَا لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالْمَلَائِكَةُ بَنَاتُهُ، فَأَشْرَكُوا وَلَمْ يُوَحِّدُوا.
وَعَنِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ أَيْضًا ذَلِكَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ يَقُولُونَ:
لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ يَقُولُ لَهُ: «قَطُّ قَطُّ»
أَيْ قِفْ هُنَا وَلَا تَزِدْ إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ. وَقِيلَ: هُمُ الثَّنَوِيَّةُ قَالُوا بِالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هَذَا فِي الدُّعَاءِ يَنْسَى الْكُفَّارُ رَبَّهُمْ فِي الرَّخَاءِ، فَإِذَا أَصَابَهُمُ الْبَلَاءُ أَخْلَصُوا فِي الدُّعَاءِ. وَقِيلَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ، جَهَرُوا بِالْإِيمَانِ وَأَخْفَوُا الْكُفْرَ. وَقِيلَ: عَلَى بَعْضِ الْيَهُودِ عَبَدُوا عُزَيْرًا، وَالنَّصَارَى عَبَدُوا عيسى.
وَقِيلَ: قُرَيْشٌ لَمَّا غَشِيَهَمُ الدُّخَانُ فِي سِنِي الْقَحْطِ قَالُوا: إِنَّا مُؤْمِنُونَ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى الشِّرْكِ بَعْدَ كَشْفِهِ. وَقِيلَ: جَمِيعُ الْخَلْقِ مُؤْمِنِهِمْ بِالرَّسُولِ وَكَافِرِهِمْ، فَالْكُفَّارُ تَقَدَّمَ شِرْكُهُمْ، وَالْمُؤْمِنُونَ فِيهِمُ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، وَأَقْرَبَهُمْ إِلَى الْكُفْرِ الْمُشَبِّهَةُ. وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آمنوا محملا، وَكَفَرُوا مُفَصَّلًا. وَثَانِيهَا مَنْ يُطِيعُ الْخَلْقَ بِمَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، وَثَالِثُهَا مَنْ يَقُولُ: نَفَعَنِي فُلَانٌ وَضَرَّنِي فُلَانٌ.
أَفَأَمِنُوا: اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ فِيهِ تَوْبِيخٌ وَتَهْدِيدٌ، غَاشِيَةٌ نِقْمَةٌ تَغْشَاهُمْ أَيْ، تُغَطِّيهِمْ كَقَوْلِهِ:
يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (?) وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الصَّوَاعِقَ وَالْقَوَارِعَ انْتَهَى. وَإِتْيَانُ الْغَاشِيَةِ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، بَغْتَةً أَيْ: فَجْأَةً فِي الزَّمَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يُتَوَقَّعُ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ: تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ بَغْتَةً. قَالَ الْكِرِمْانِيُّ: لَا يَشْعُرُونَ بِإِتْيَانِهَا أَيْ: وَهُمْ غَيْرُ مُسْتَعِدِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
تَأْخُذُهُمُ الصَّيْحَةُ عَلَى أَسْوَاقِهِمْ وَمَوَاضِعِهِمْ. وَقَرَأَ أَبُو حَفْصٍ، وَبِشْرُ بْنُ عُبَيْدٍ: أَوْ يَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ.
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ