السموات وَالْأَرْضِ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ فِي الْعَرْشِ وَفِي اسْتَوَى وَفِي الضَّمِيرِ الْعَائِدِ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا هَذَا مَعَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي أَقَامُوهَا عَلَى اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ اسْتَوَى أَمْرُهُ وَسَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: كَيْفَ اسْتَوَى فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ مَلِيًّا وَعَلَتْهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَمَا أَظُنُّكَ إِلَّا ضَالًّا ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ.

يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً التَّغْشِيَةُ التَّغْطِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُذْهِبُ اللَّيْلُ نُورَ النَّهَارِ لِيَتِمَّ قِوَامُ الْحَيَاةِ فِي الدُّنْيَا بِمَجِيءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَاللَّيْلُ لِلسُّكُونِ وَالنَّهَارُ لِلْحَرَكَةِ وَفَحْوَى الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهَارَ يُغْشِيهِ اللَّهُ اللَّيْلَ وَهُمَا مَفْعُولَانِ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ وَالْهَمْزَةَ مُعَدِّيَانِ، وَقَرَأَ بِالتَّضْعِيفِ الْأَخَوَانِ وَأَبُو بَكْرٍ وَبِإِسْكَانِ الْغَيْنِ بَاقِي السَّبْعَةِ وَبِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ اللَّامِ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ كَذَا قَالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي عَنْ حُمَيْدٍ بِنَصْبِ اللَّيْلَ وَرَفْعِ النَّهارَ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْفَتْحِ أَثْبَتُ انْتَهَى وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ أَثْبَتُ كَلَامٌ لَا يَصِحُّ إِذْ رُتْبَةُ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ فِي الْقِرَاءَاتِ وَمَعْرِفَتِهَا وَضَبْطِ رِوَايَاتِهَا وَاخْتِصَاصُهُ بِذَلِكَ بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَاتِ فَضْلًا عَنِ النحاة الذين ليسوا مقرئي وَلَا رَوَوُا الْقُرْآنَ عَنْ أَحَدٍ وَلَا رُوِيَ عَنْهُمُ الْقُرْآنُ هَذَا مَعَ الدِّيَانَةِ الزَّائِدَةِ وَالتَّثَبُّتِ فِي النَّقْلِ وعدم التجاسر ووفور الخط مِنَ الْعَرَبِيَّةِ فَقَدْ رَأَيْتُ لَهُ كِتَابًا فِي كَلَّا وَكِتَابًا فِي إِدْغَامِ أَبِي عَمْرٍو الْكَبِيرِ دَلَّا عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا لَا يَكَادُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ النحاة ولا المقرءين إِلَى سَائِرِ تَصَانِيفِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالَّذِي نَقَلَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ أَمْكَنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِقِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ إِذِ اللَّيْلُ فِي قِرَاءَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبًا هُوَ الْفَاعِلُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إِذْ هَمْزَةُ النَّقْلِ أَوِ التَّضْعِيفُ صَيَّرَهُ مَفْعُولًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَنْصُوبَيْنِ تَعَدَّى إِلَيْهِمَا الْفِعْلُ وَأَحَدُهُمَا فَاعِلٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا كَمَا لَزِمَ ذَلِكَ فِي مَلَّكْتُ زَيْدًا عَمْرًا إِذْ رُتْبَةُ التَّقْدِيمِ هِيَ الْمُوَضِّحَةُ أَنَّهُ الْفَاعِلُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَمَا لَزِمَ ذَلِكَ فِي ضَرَبَ مُوسَى عِيسَى وَالْجُمْلَةُ مِنْ يَطْلُبُهُ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ اللَّيْلُ إِذْ هُوَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ قَبْلَ التَّعْدِيَةِ وَتَقْدِيرُهُ حَاثًّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا من النَّهَارِ وَتَقْدِيرُهُ مَحْثُوثًا وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلَبًا حَثِيثًا أي حاثا أَوْ مُحِثًّا وَنِسْبَةُ الطَّلَبِ إِلَى اللَّيْلِ مَجَازِيَّةٌ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَاقُبِهِ اللَّازِمِ فَكَأَنَّهُ طَالِبٌ لَهُ لَا يُدْرِكُهُ بَلْ هُوَ فِي إِثْرِهِ بِحَيْثُ يَكَادُ يُدْرِكُهُ وَقَدَّمَ اللَّيْلَ هُنَا كَمَا قَدَّمَهُ فِي يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ (?) وَفِي وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ (?) وَفِي وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015