إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَشْيَاءَ مِنْ مَبْدَأِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَأَمْرِ نَبِيِّهِ وانقسام إِلَى مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ وَذِكْرِ مَعَادِهِمْ وَحَشْرِهِمْ إِلَى جَنَّةٍ وَنَارٍ ذَكَرَ مَبْدَأَ الْعَالَمِ وَاخْتِرَاعَهُ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ ثُمَّ بَعْدُ إِلَى النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ إِذْ مَدَارُ الْقُرْآنِ عَلَى تقرير الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ التَّوْحِيدِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمَعَادِ وَالنُّبُوَّةِ، وَرَبُّكُمْ خِطَابٌ عَامٌّ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَرَوَى بَكَّارُ بْنُ (?) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ بِنَصْبِ الْهَاءِ عَطْفُ بَيَانٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَعَلَى هَذَا الظَّاهِرِ فَسَّرَ مُعْظَمُ النَّاسِ وَبَدَأَ بِالْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ» يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرُ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ يَوْمِ الجمعة فيما بين الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ»

، وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ: قَضَى لِسِتَّةِ أَيَّامٍ خَلِيقَتَهُ، وَكَانَ آخِرُ يَوْمٍ صَوَّرَ الرَّجُلَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ هَذَا إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَكَعْبٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ بَدَأَ بِالْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ التَّوْرَاةِ، وَقِيلَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَعْبٌ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ مِقْدَارُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ أَلْفُ سَنَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْقِهِ تَعَالَى ذَلِكَ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي مُدَدٍ مُتَوَالِيَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَإِبْدَاءُ مَعَانٍ لِذَلِكَ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ فَلَا نُسَوِّدُ كِتَابَنَا بِذِكْرِهِ وَهُوَ تَعَالَى الْمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ ذَلِكَ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ التَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فِي مِقْدَارِ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَلَيْسَتْ سِتَّةُ الْأَيَّامِ أَنْفُسُهَا وَقَعَ فِيهَا الْخَلْقُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (?) وَالْمُرَادُ مِقْدَارُ الْبُكْرَةِ وَالْعَشِيِّ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ لَا لَيْلَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا نَهَارَ وَإِنَّمَا ذَهَبَ الذَّاهِبُ إِلَى هَذَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَمْتَازُ الْيَوْمُ عَنِ اللَّيْلَةِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا قَبْلَ خَلْقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَيْفَ يُعْقَلُ خَلْقُ الْأَيَّامِ والذي أقول: إنه منى أَمْكَنَ حَمْلُ الشَّيْءِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ عَلَى قَرِيبٍ مَنْ ظَاهِرِهِ كَانَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَا يَشْمَلُهُ الْعَقْلُ أَوْ عَلَى مَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ جُمْلَةً وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ قوله فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ظَرْفًا لِخَلْقِ الْأَرْضِ لَا ظرفا لخلق السموات وَالْأَرْضِ

فَيَكُونُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ مُدَّةً لِخَلْقِ الْأَرْضِ بِتُرْبَتِهَا وَجِبَالِهَا وَشَجَرِهَا وَمَكْرُوهِهَا وَنُورِهَا وَدَوَابِّهَا وَآدَمَ عَلَيْهِ السلام وهذا يطابق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015