وَهِبَةٍ، وَرَهْنٍ، وَعِتْقٍ، وَتَدْبِيرٍ، وَتَخْيِيرٍ، وَتَمْلِيكٍ، وَمُصَالَحَةٍ، وَمُزَارَعَةٍ، وَطَلَاقٍ، وَشِرَاءٍ، وَإِجَارَةٍ، وَمَا عَقَدَهُ مَعَ نَفْسِهِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ طَاعَةٍ: كَحَجٍ، وَصَوْمٍ، وَاعْتِكَافٍ، وَقِيَامٍ، وَنَذْرٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ الْعُهُودُ الَّتِي أَخَذَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فِيمَا أَحَلَّ وَحَرَّمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَدَأَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: هِيَ الْعُهُودُ الَّتِي عَقَدَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَلْزَمَهَا إِيَّاهُمْ مِنْ وَاجِبِ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّهُ كَلَامٌ قُدِّمَ مُجْمَلًا ثُمَّ عُقِّبَ بِالتَّفْصِيلِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْحِلْفُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ:

وَرُوِيَ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَوْفُوا بِعَقْدِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا تُحْدِثُوا عَقْدًا فِي الْإِسْلَامِ» .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا: هِيَ كُلُّ مَا رَبَطَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ أَيْضًا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ: الْعُقُودُ خَمْسٌ: عُقْدَةُ الْإِيمَانِ، وَعُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَعُقْدَةُ الْعَهْدِ، وَعُقْدَةُ الْبَيْعِ، وَعُقْدَةُ الْحِلْفِ. وَقِيلَ: هِيَ عُقُودُ الْأَمَانَاتِ وَالْبِيَاعَاتِ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هِيَ الَّتِي أَخَذَهَا اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ.

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَرَأْتُ الْكِتَابَ الَّذِي كَتَبَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ وَفِي صَدْرِهِ: «هَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ»

وَقِيلَ:

الْعُقُودُ هُنَا الْفَرَائِضُ.

أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ قِيلَ: هَذَا تَفْصِيلٌ بَعْدَ إِجْمَالٍ. وَقِيلَ: اسْتِئْنَافُ تَشْرِيعٍ بَيَّنَ فِيهِ فَسَادَ تَحْرِيمِ لُحُومِ السَّوَائِبِ، وَالْوَصَائِلِ، وَالْبَحَائِرِ، وَالْحَوَامِّ، وَأَنَّهَا حَلَالٌ لَهُمْ.

وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ مِنْ بَابِ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى جِنْسِهِ فَهُوَ بِمَعْنَى مِنْ، لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ أَعَمُّ، فَأُضِيفَتْ إِلَى أَخَصٍّ. فَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ كُلُّهَا قَالَهُ: قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ، وَالْحَسَنُ. وَهِيَ الثَّمَانِيَةُ الْأَزْوَاجِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ ابْنُ قتيبة: هي الإبل، والبقرة، وَالْغَنَمُ، وَالْوُحُوشُ كُلُّهَا. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الضَّحَّاكُ وَالْفَرَّاءُ: بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَحْشِيُّهَا كَالظِّبَاءِ، وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِهِ. وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا مَا يُمَاثِلُ الْأَنْعَامَ وَيُدَانِيهَا مِنْ جِنْسِ الْأَنْعَامِ الْبَهَائِمِ، وَالْأَضْرَارِ وَعَدَمِ الْأَنْيَابِ، فَأُضِيفَتْ إِلَى الْأَنْعَامِ لِمُلَابَسَةِ الشَّبَهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَدْلُولِ لَفْظِ الْأَنْعَامِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ الْأَجِنَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ عِنْدَ ذَبْحِ أُمَّهَاتِهَا فَتُؤْكَلُ دُونَ ذَكَاةٍ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ. وَقِيلَ: بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ الَّتِي تَرْعَى مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَكَانَ الْمُفْتَرِسُ مِنَ الْحَيَوَانِ كَالْأَسَدِ وَكُلُّ ذِي نَابٍ قَدْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْإِبْهَامِ فَصَارَ لَهُ نَظَرٌ مَا.

إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْمَعْنَى: إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015