مَعَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ. وَقُطْرُبٌ فِي قَوْلِهِ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِمَنْ عَدَا الْأَبَوَيْنِ وَالْأَخِ، وَسُمِّي مَا عَدَا الْأَبَ وَالْوَلَدَ كَلَالَةً، لِأَنَّهُ بِذَهَابِ طَرَفَيْهِ تَكَلَّلَهُ الْوَرَثَةُ وَطَافُوا بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. وَيُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلَ نُزُولُ الْآيَةِ فِي جَابِرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ نُزُولِهَا ابْنٌ وَلَا أَبٌ، لِأَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَصَارَتْ قِصَّةُ جَابِرٍ بَيَانًا لِمُرَادِ الْآيَةِ. وَأَمَّا الْكَلَالَةُ فِي الْآيَةِ فَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ الْمَالُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكَلَالَةُ الْوَرَثَةُ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّاغِبِ قَالَ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِكُلِّ وَارِثٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالْمَرْءُ يَجْمَعُ لِلْغِنَى ... وَلِلْكَلَالَةِ مَا يسيم
وقال عمرو ابن عَبَّاسٍ: الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ الْمَوْرُوثُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْوَرَثَةُ بِجُمْلَتِهَا كُلُّهُمْ كَلَالَةٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يُورَثُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، مِنْ أُورِثَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ مَنْ أَوْرَثَ أَيْضًا. وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا. مِنْ وَرَّثَ. فَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَمَعْنَى الْكَلَالَةِ أَنَّهُ الْمَيِّتُ أَوِ الوارث، فانتصاب الكلالة عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ المستكن فِي يُورَثُ. وَإِذَا وَقَعَ عَلَى الْوَارِثِ احْتِيجَ إِلَى تَقْدِيرِ: ذَا كَلَالَةٍ، لِأَنَّ الْكَلَالَةَ إِذْ ذَاكَ لَيْسَتْ نَفْسَ الضَّمِيرِ فِي يُورَثُ. وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَالَةِ الْقَرَابَةَ، فَانْتِصَابُهَا عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ: يُورَثُ لِأَجْلِ الْكَلَالَةِ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْحَسَنِ وَأَبِي رَجَاءٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْكَلَالَةُ هِيَ الْمَيِّتَ فَانْتِصَابُهَا عَلَى الْحَالِ، وَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ، التَّقْدِيرُ: يُورِثُ وَارِثَهُ مَالَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَلَالَةً. وَإِنْ كَانَ الْمَعْنِيُّ بِهَا الْوَارِثَ فَانْتِصَابُ الْكَلَالَةِ عَلَى الْمَفْعُولِ به بيورث، وَيَكُونُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ: يُورَثُ كَلَالَةً مَالُهُ أَوِ الْقَرَابَةُ، فَعَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ وَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ فِي كَانَ أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةً، فَيَكُونَ يُورَثُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْخَبَرِ. وَتَامَّةً فَتَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الصِّفَةِ. وَيَجُوزُ إِذَا كَانَتْ نَاقِصَةً وَالْكَلَالَةُ بِمَعْنَى الْمَيِّتِ، أَنْ يَكُونَ يُورَثُ صِفَةً، وَيَنْتَصِبُ كَلَالَةً عَلَى خَبَرِ كَانَ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَارِثِ. فَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ مَوْرُوثٌ ذَا كَلَالَةٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الْكَلَالَةُ الْمَالُ، فَيَنْتَصِبُ كَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، سَوَاءٌ بُنِيَ الْفِعْلُ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْكَلَالَةُ الْوِرَاثَةُ، وَيَنْتَصِبُ عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى النَّعْتِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وِرَاثَةً كَلَالَةً.
وَقَدْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي الْكَلَالَةِ، وَمُلَخَّصُ مَا قِيلَ فِيهَا: أَنَّهَا الْوَارِثُ، أَوِ الْمَيِّتُ الْمَوْرُوثُ، أَوِ الْمَالُ الْمَوْرُوثُ، أَوِ الْوِرَاثَةُ، أَوِ الْقَرَابَةُ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: يُورَثُ أَيْ: يُورَثُ مِنْهُ،