[سورة آل عمران (3) : الآيات 164 الى 170]

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164) أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (168)

وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْفَرِيقَيْنِ: فَرِيقَ الرِّضْوَانِ، وَفَرِيقَ السُّخْطِ، وَأَنَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَصَلَ أَحْوَالَهُمْ وَبَدَأَ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَذَكَرَ مَا امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنْ بَعْثِ الرَّسُولِ إِلَيْهِمْ تَالِيًا لِآيَاتِ اللَّهِ، وَمُبَيِّنًا لَهُمْ طَرِيقَ الْهُدَى، وَمُطَهِّرًا لَهُمْ مِنْ أَرْجَاسِ الشِّرْكِ، وَمُنْقِذًا لَهُمْ مِنْ غَمْرَةِ الضَّلَالَةِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِيهَا. وَسَلَّاهُمْ عَمَّا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْخِذْلَانِ وَالْقَتْلِ وَالْجَرْحِ، لِمَا أَنَالَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ. ثُمَّ فَصَّلَ حَالَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ السُّخْطِ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ تَعَالَى.

وَمَعْنَى مَنَّ تَطَوَّلَ وَتَفَضَّلُ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِبَعْثِهِ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُهُ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهُمْ، كَمَا قَالَ: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ «1» وَالْمَعْنَى: مِنْ جِنْسِ بَنِي آدَمَ، وَالِامْتِنَانُ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْأُنْسِ بكونه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015