أفراد فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ. نَحْوُ: وَعَلى سَمْعِهِمْ (?) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أُمُّ الْكِتَابِ أَيْ أَصْلُ الْكِتَابِ، تُحْمَلُ الْمُتَشَابِهَاتُ عَلَيْهَا، وَتُرَدُّ إِلَيْهَا. وَمِثَالُ ذَلِكَ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ (?) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «3» لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ (?) أَمَرْنا مُتْرَفِيها
(?) انْتَهَى. وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ الِاعْتِزَالِيِّ فِي أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى، فَجَعَلَ الْمُحْكَمَ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ. وَالْمُتَشَابِهَ قَوْلَهُ:
إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ «6» .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَعْكِسُونَ هَذَا، أَوْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْإِدْرَاكِ وَالرُّؤْيَةِ. وَذُكِرَ مِنَ الْمُحْكَمِ: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (?) لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (?) وَمُتَشَابِهِهِ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ (?) ظَاهِرُ النِّسْيَانِ ضِدُّ الْعِلْمِ، وَمَرْجُوحُهُ التَّرْكُ. وَأَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، فَمَا وَافَقَ الْمَذْهَبَ فَهُوَ عِنْدَهُمْ مُحْكَمٌ، وَمَا خَالَفَ فَهُوَ مُتَشَابِهٌ. فَقَوْلُهُ: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ (?) عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ مُحْكَمٌ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (?) مُتَشَابِهٌ. وَغَيْرُهُمْ بِالْعَكْسِ.
وَصَرْفُ اللَّفْظِ عَنِ الرَّاجِحِ إِلَى الْمَرْجُوحِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، فَإِنْ كَانَ لَفْظِيًّا فَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِحُصُولِ التَّعَارُضِ، وَلَيْسَ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، وَلَا قَطْعَ فِي الدَّلِيلِ اللَّفْظِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ نَصًّا أَوْ أُرْجِحَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أُمُورٍ ظَنِّيَّةٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ. فَإِذَنِ الْمَصِيرُ إِلَى الْمَرْجُوحِ لَا يَكُونُ بِوَاسِطَةِ الدَّلَالَةِ الْعَقْلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ، وَإِذَا عُلِمَ صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ الْمُرَادِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَرْجِيحَ مَجَازٍ عَلَى مَجَازٍ، وَتَأْوِيلٍ عَلَى تَأْوِيلٍ.
وَمِنَ الْمَلَاحِدَةِ مَنْ طَعَنَ فِي الْقُرْآنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمُتَشَابِهِ، وَقَالَ: يَقُولُونَ، إِنَّ تَكَالِيفَ الْخَلْقِ مُرْتَبِطَةٌ بِهَذَا الْقُرْآنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ إِنَّا نَرَاهُ يَتَمَسَّكُ بِهِ صَاحِبُ كُلِّ مَذْهَبٍ عَلَى مَذْهَبِهِ، فَالْجَبْرِيُّ يَتَمَسَّكُ بِآيَاتِ الْجَبْرِ: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً «12» وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً «13» . وَالْقَدَرِيُّ يَقُولُ: هَذَا مَذْهَبُ الْكُفَّارِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ: وَقالُوا قُلُوبُنا