لَا يَلْزَمَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيُسْتَعْمَلَانِ فَضْلَةً وَعُمْدَةً، فَالْفَضْلَةُ كَثِيرٌ، وَمِنَ الْعُمْدَةِ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ (?) وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ (?) .
وَأَوْضَحَ بَعْضُهُمْ عِلَّةَ الْبِنَاءِ فَقَالَ: عِلَّةُ الْبِنَاءِ كَوْنُهَا تَدُلُّ عَلَى الْمُلَاصَقَةِ لِلشَّيْءِ وَتَخْتَصُّ بِهَا، بِخِلَافِ: عِنْدَ، فَإِنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْمُلَاصَقَةِ، فَصَارَ فِيهَا مَعْنًى لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّرْفُ، بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَرْفُ، فَهِيَ كَأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلْحَرْفِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ دَلِيلًا عَلَى الْقُرْبِ. وَمِثْلُهُ:
ثم، و: هنا. لِأَنَّهُمَا بُنِيَا لَمَّا تَضَمَّنَا مَعْنَى الْحَرْفِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ لِيَدُلَّ عَلَى الْإِشَارَةِ.
وَمَنْ أَعْرَبَهَا، وَهُمْ قَيْسٌ، فَتَشْبِيهًا: بِعِنْدَ، لِكَوْنِ مَوْضِعِهَا صَالِحًا لِعِنْدَ، وَفِيهَا تِسْعُ لُغَاتٍ غَيْرُ الْأُولَى: لَدُنْ، وَلَدْنٌ، وَلَدِنٌ، وَلُدْنٌ، وَلَدِنِ، وَلَدْ وَلُدْ، وَلُدُ وَلَتْ. بِإِبْدَالِ الدَّالِّ تَاءً، وَتُضَافُ إِلَى الْمُفْرَدِ لَفْظًا كَثِيرًا، وَإِلَى الْجُمْلَةِ قَلِيلًا.
فَمِنْ إِضَافَتِهَا إِلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
صريع عوان رَاقَهُنَّ وَرُقْنَهُ ... لَدُنْ شَبَّ حَتَّى شَابَ سُودُ الذَّوَائِبِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
لَزِمْنَا لَدُنْ سَأَلْتُمُونَا وَفَاقَكُمْ ... فَلَا يَكُ مِنْكُمْ لِلْخِلَافِ جُنُوحُ
وَمِنْ إِضَافَتِهَا إِلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَذْكُرُ نَعَّمَاهُ لَدُنْ أَنْتَ يَافِعُ ... إِلَى أَنْتَ ذُو فَوْدَيْنِ أَبْيَضُ كَالنَّسْرِ
وَجَاءَ إِضَافَتُهَا إِلَى: أَنْ وَالْفِعْلِ، قَالَ:
وَلَيْتَ فَلَمْ يَقْطَعْ لَدُنْ أَنْ وَلَيْتَنَا ... قُرَابَةُ ذِي قُرْبَى وَلَا حَقُّ مُسْلِمِ
وَأَحْكَامُ لَدُنْ كَثِيرَةٌ ذُكِرَتْ فِي عِلْمِ النَّحْوِ.
الْإِغْنَاءُ: الدَّفْعُ وَالنَّفْعُ، وَفُلَانٌ عَظِيمُ الْغِنَى، أَيِ: الدَّفْعُ وَالنَّفْعُ.
الدَّأْبُ: الْعَادَةُ. دَأَبَ عَلَى كَذَا: وَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَدْمَنَ. قَالَ زُهَيْرُ:
لَأَرْتَحِلَنَّ بِالْفَجْرِ ثُمَّ لَأَدْأَبَنَّ ... إِلَى اللَّيْلِ إِلَّا أَنْ يُعَرِّجَنِي طِفْلُ
الذَّنْبُ: التِّلْوُ، لِأَنَّ الْعِقَابَ يَتْلُوهُ، وَمِنْهُ الذَّنْبُ وَالذُّنُوبُ لِأَنَّهُ يتبع الجاذب.