بِإِبْرَاهِيمَ، فَلَا مَزِيَّةَ لَهُ. وَبِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَنْ يُرِيَهُ كَيْفَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَلَا إِرَاءَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ.
وَاحْتَجَّ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُجِيبَ بِأَنَّ ظَاهِرَ: ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ منهنّ جزأ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الطيور جعلت جزأ جزأ، لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهَا سُمِّيَ جُزْءًا وَجُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى جَبَلٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عَزِيزٌ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ، حَكِيمٌ فِيمَا يُرِيدُ وَيُمَثِّلُ، وَالْعِزَّةُ تَتَضَمَّنُ الْقُدْرَةَ، لِأَنَّ الْغَلَبَةَ تَكُونُ عَنِ الْعِزَّةِ. وَقِيلَ: عَزِيزٌ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ يُنْكِرُ بَعْثَ الْأَمْوَاتِ، حَكِيمٌ فِي نَشْرِ الْعِظَامِ الرفاة.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْقِصَصُ الثَّلَاثُ، مِنْ فَصِيحِ الْمُحَاوَرَةِ بِذِكْرِ: قَالَ، سُؤَالًا وَجَوَابًا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ، إِذْ لَا يُحْتَاجُ إِلَى التَّشْرِيكِ بِالْحَرْفِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُشْرِكْ لَمْ يَسْتَقِلْ، فَيُؤْتَى بِحَرْفِ التَّشْرِيكِ لِيَدُلَّ عَلَى مَعْنَاهُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَالْأَحْسَنُ تَرْكُ الْحَرْفِ إِذَا كَانَ أَخَذَ بَعْضُهُ بِعُنُقِ بَعْضٍ، وَمُرَتَّبٌ بَعْضُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى بَعْضٍ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «1» .
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)