(بَيْنَا) هي "بين" الظرفيّة، أُشبعت فتحتها، فتولّدت منها الألف، وقد تزاد فيها "ما"، فتصير "بينما"، وهما ظرف زمان، فيه معنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة فعليّة، أو اسميّة، ويحتاجان إلى جواب يتمّ به المعنى، وجواب "بينا" هنا قوله: "دخل رجلٌ". (هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، دَخَلَ رَجُلٌ) وفي رواية للبخاريّ: "إذ دخل رجل"، وفي بعض روايته: "إذ جاء رجلٌ".

[تنبيه]: الرجل المذكور هو عثمان بن عفّان -رضي اللَّه عنه-، كما سمّاه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- في الرواية التالية، وكذا سمّاه ابنُ وهب، وابن القاسم في روايتهما عن مالك في "الموطأ"، وكذا سماه معمرٌ في روايته عن الزهريّ، عند الشافعيّ وغيره، وكذا وقع في رواية ابن وهب، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافًا في ذلك (?).

(مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ: "إذ دخل رجلٌ من المهاجرين الأولين، من أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-".

وقوله: "من المهاجرين الأولين" قيل في تعريفهم: مَن صَلَّى إلى القبلتين، وقيل: مَن شَهِدَ بدرًا، وقيل: من شهد بيعة الرضوان، ولا شك أنها مراتب نسبية، والأول أولى في التعريف؛ لسبقه، فمن هاجر بعد تحويل القبلة وقبل وقعة بدر هو آخر بالنسبة إلى من هاجر قبل التحويل، قاله في "الفتح" (?).

وإلى هذه الأقوال أشار السيوطيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ألفيّة الحديث" حيث قال:

وَالسَّابِقُونَ لَهُمُ مَزِيَّهْ ... فَقِيلَ أَهْلُ الْبَيْعَةِ الْمَرْضِيَّهْ

وَقِيلَ أَهْلُ الْقِبْلَتِيْنِ أَوْ هُمُ ... بَدْرِيَّةٌ أَقَبْلَ فَتْح أَسْلَمُوا

(فَنَادَاهُ عُمَرُ) أي: قال له يا فلان (أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ ) "أَيَّةُ" بتشديد التحتانية تأنيث "أَيّ" يُستفهَم بها، وأنّث "أيّة" لأجل "ساعة"، ويجوز تذكيرها وتأنيثها، قال اللَّه تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34]، وقرى في الشاذّ: "بأيّة أرض تموت"، وتقول: أيُّ امرأة جاءتك؟ ، وأيّةُ امرأة جاءتك؟ ، وشبّه سيبويه تأنيث "أيّة" بتأنيث "كل" في قولهم: "كلّهنّ"، قاله في "العمدة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015