الشارع إلا بإقامتها في غيره، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب كوجوبه، كما تقرر في الأصول. انتهى كلام الشوكانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ما حققه العلامة الشوكانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذه المسألة هو الحقّ الذي لا مرية فيه.
وحاصله أن الجمعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين الذين لا عذر لهم؛ لوضوح أدلته المذكورة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في العدد الذي تنعقد به الجمعة:
(اعلم): أن جملة ما للعلماء من الأقوال في هذه المسألة -على ما ذكره في "الفتح"- خمسة عشر قولًا:
(الأول): تصحّ من الواحد، نقله ابن حزم، وحكاه الدارميّ عن القاشانيّ، وحُكي عن الحسن بن صالح.
(الثاني): اثنان كالجماعة، وهو قول النخعيّ، وأهل الظاهر.
(الثالث): اثنان مع الإمام، وهو قول أبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وحُكي عن الأوزاعيّ، وأبي ثور.
(الرابع): ثلاثة معه، وهو قول أبي حنيفة، ورُوي عن الأوزاعيّ، وأبي ثور أيضًا، واختاره المزنيّ، والسيوطيّ، وحكاه عن الثوريّ، والليث.
(الخامس): سبعة، وحكي عن عكرمة.
(السادس): تسعة، وحكي عن ربيعة.
(السابع): اثنا عشر، وحكي عن ربيعة في رواية، ونُقل عن الزهريّ، والأوزاعيّ، ومحمد بن الحسن.
(الثامن): مثله غير الإمام، نقل عن إسحاق.
(التاسع): عشرون، وهو رواية ابن حبيب عن مالك.
(العاشر): ثلاثون، في روايته أيضًا عن مالك.
(الحادي عشر): أربعون، وهو قول الشافعي، وطائفة.
(الثاني عشر): أربعون غير الإمام، رُوي عن الشافعي أيضًا، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وطائفة.