بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يوم الاثنين المبارك وقت أذان صلاة الفجر 1/ 8/ 1427 هـ أول الجزء السابع عشر من شرح "صحيح الإمام مسلم" المسمّى "البحر المحيط الثجّاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجّاج" رحمه اللَّه تعالى.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: في هذه الترجمة مسائل:
(المسألة الأولى): في ضبط لفظ "الجمعة"، وفي سبب تسمية اليوم به، وبيان أوّل من سماه به:
قال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ- في قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} الآية [الجمعة: 9]: خفّفها الأعمش، وثقّلها عاصم، وأهل الحجاز، والأصل فيها التخفيف "جُمْعَة"، فمن ثقّل أتبع الضمّة الضمّة، ومن خفّف فعلى الأصل، والقرّاء قرؤوها بالتثقيل، ويقال: يوم الْجُمْعَة -أي: بالتسكين- لغة بني عُقَيل، ولو قرئ بها كان صوابًا، قال: والذين قالوا: الجُمُعَة -أي: بالضم- ذهبوا بها إلى صفة اليوم أنه يَجْمَعُ الناسَ، كما يقال: رجل هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكَةٌ، وهو الْجُمْعَة -بسكون الميم- والْجُمُعَة -بضمها- والجُمَعَة -بفتحها- وهو يوم الْعَرُوبة، سُمّي بذلك لاجتماع الناس فيه، ويُجمَعُ على جُمُعات وجُمَع، وقيل: الجُمْعَة على تخفيف الجُمُعة والجُمْعَة لأنها تجمع الناس كثيرًا، كما قالوا: رجل لُعَنَة يُكثرُ لَعْن الناس، ورجل ضُحَكَة يُكثر الضحك.
وزعم ثَعْلب أنّ أوّل من سمّاه به كعب بن لؤيّ جدّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يقال له: العَرُوبة. وذكر السُّهَيلي في "الرَّوْض الأُنُف" أن كعب بن لؤيّ أوّل من جَمَّعَ يوم العَرُوبة، ولم تُسَمَّ العروبة الجمعةَ إلا مذ جاء الإسلام، وهو أول من سمّاها الجمعة، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم، فيخطبهم، ويُذكّرهم بمبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُعْلِمهم أنه من