واتَّفَق أهل العلم بالأخبار على أن سهلًا كان صغيرًا في زمن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا ما ذكر ابن أبي حاتم، عن رجل من ولد سهل أنه حدّثه أنه بايع تحت الشجرة، وشهد المشاهد، إلا بدرًا، وكان الدّليلَ للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة أُحُد.
وقد تعقّب هذا جماعة من أهل المعرفة، وقالوا: إن هذه الصفة لأبيه، وأما هو فمات النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو ابن ثمان سنين، وممن جزم بذلك الطبريّ، وابن حبّان، وابن السكن، ، وغير واحد، وعلى هذا فتكون روايته لقصة صلاة الخوف مرسلةً، ويتعيّن أن يكون مراد صالح بن خوّات في الرواية التالية: "عمن صلى مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف" غيرَهُ، والذي يظهر أنه أبوه، كما سيأتي، إن شاء اللَّه تعالى. أفاده في "الفتح" (?).
[تنبيه]: الذي يظهر مما سبق أن هذه الرواية مرسلة؛ لأن الراجح أن سهل بن أبي حثمة لم يشهدها؛ حيث إنه كان صغيرًا في زمن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه كان ابن ثمان سنين حين موته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يكن إذ ذاك في سنّ من يخرج في تلك الغزوة، فتكون روايته من مراسيل الصحابة، ومما يقوّي قول من قال: إن سهل بن أبي حثمة لم يشهد ذلك، قول صالح بن خوّات في الرواية التالية: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بأصحابه صلاة الخوف"، ولم يقل: "صلى بنا" كما هو في رواية غيره، فيكون مراد صالح بن خوّات في الرواية التالية: "عمن صلى مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ" غيره، واستظهر الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن يكون أبوه (?)، فتفطّن، واللَّه تعالى أعلم.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ) الظاهر أن تلك الصلاة كانت في غزوة ذات الرّقاع، كما صُرّح به في الرواية التالية (فَصَفهُمْ خَلْفَهُ صَفيْنِ) ظاهر هذه الرواية يخالف الرواية التالية فإن في هذه يدلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلهم صفّين خلفه، وصلى بهم، وتلك ظاهرة في أنه جعلهم طائفتين: طائفة صفّت خلفه، وطائفة ذهبت لمواجهة العدوّ، ويُمكن أن يُجمع بينهما بالحمل على تعدّد الواقعة، ففي صلاة لَمّا كان العدوّ في جهة القبلة جعلهم صفّين،