لقي اللَّه، وما لقي اللَّه تعالى حتى ثَقُل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا، تعني الركعتين بعد العصر، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليهما، ولا يصليهما في المسجد؛ مخافة أن يَثْقُل على أمته، وكان يحب ما يخفف عنهم"، وبلفظ: "ما ترك النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السجدتين بعد العصر عندي قطّ"، وبلفظ: "ركعتان لَمْ يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدَعُهما سرًّا ولا علانية: ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد العصر"، وبلفظ: "ما كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يأتيني في يوم بعد العصر، إلَّا صلى ركعتين".
قال في "الفتح": تمسّك بهذه الروايات من أجاز التنفل بعد العصر مطلقًا، ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس، وقد تقدم نقل المذاهب في ذلك، وأجاب عنه من أطلق الكراهة بأن فعله هذا يدلّ على جواز استدراك ما فات من الرواتب، من غير كراهة، وأما مواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك، فهو من خصائصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والدليل عليه رواية ذكوان مولى عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها حدثته أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل، وينهى عن الوصال، رواه أبو داود، ورواية أبي سلمة، عن عائشة في نحو هذه القصّة، وفي آخره: "وكان إذا صلى صلاة أثبتها"، رواه مسلم، قال البيهقيّ: الذي اختَصَّ به -صلى اللَّه عليه وسلم- المداومة على ذلك، لا أصل القضاء، وأما ما رُوِي عن ذكوان، عن أم سلمة في هذه