قال: ولعل هذا وقع من بعضهم قبل أن يبلغهم مصحف عثمان -رضي اللَّه عنه- المجمع عليه المحذوف منه كل منسوخ، وأما بعد ظهور مصحف عثمان، فلا يُظَنّ بأحد منهم أنه خالف فيه، وأما ابن مسعود، فرويت عنه روايات كثيرة، منها ما ليس بثابت عند أهل النقل، وما ثبت منها مخالفًا لما قلناه، فهو محمول على أنه كان يكتب في مصحفه بعض الإحكام والتفاسير، مما يعتقد أنه ليس بقرآن، وكان لا يعتقد تحريم ذلك، وكان يراه كصحيفة يُثْبِت فيها ما يشاء، وكان رأي عثمان والجماعة منع ذلك؛ لئلا يتطاول الزمان، ويُظَنّ ذلك قرآنًا.
قال المازريّ: فعاد الخلاف إلى مسألة فقهية، وهي أنه هل يجوز إلحاق بعض التفاسير في أثناء المصحف؟ .
قال: ويَحْتَمِل ما رُوي من إسقاط المعوذتين من مصحف ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه اعتَقَد أنه لا يلزمه كتب كل القرآن، وكَتَبَ ما سواهما، وتركهما؛ لشهرتهما عنده وعند الناس، واللَّه أعلم. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [51/ 1916 و 1917 و 1918 و 1919] (824)، و (البخاريّ) في "المناقب" (3287 و 3742 و 3743 و 3761) و"التفسير" (4943 و 4944) و"الاستئذان" (6278)، و (الترمذيّ) في "القراءات" (2939)، و (النسائيّ) في "فضائل الصحابة" (194)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (3959 و 3960 و 3961 و 3962 و 3963 و 3964 و 3965 و 3966)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1864 و 1865 و 1866)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6330)، واللَّه تعالى أعلم.