ويكون القرن القوّة، فيكون معناه هنا إضافة قوّتهما إلى الشيطان، وعونهما له على ما يهمّ به، وقال الخطابيّ: القرن يُضرَب به المثل فيما لا يُحمد من الأمور، وقد ذهب بعض المتكلّمين على الحديث أن المراد بهذا ما طلع من جهة المشرق ببلاد العراق، من الفِتَن المبيرة في صدر الإسلام، من وقعة الجَمَل، وصِفّين، وحَرُوراء، وفُتون بني أميّة، وكلّ ذلك كان بمشرق نجد والعراق، وقد جاء في حديث الخوارج: "يخرج ناس من المشرق" (?)، ثم خروج دُعاة بني العباس من أقصى المشرق، وارتجاج الأرض فتنةً، ويكون الكفر ها هنا كفر النعم، وأكثر الفِتن والأحداث والبدع إنما كانت من قبل المشرق، قال: وقد يكون الكفر على وجهه، والمراد برأس الكفر الدجّال؛ لأن خروجه من قبل المشرق (?)، أو يكون على ما ذكره من قدّمنا من أهل فارس، وقد جاء في الحديث المتّفق عليه، بمعنى ما تقدّم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يشير إلى المشرق: "إن الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان"، أو قال: "قرن الشمس"، وهو محمول على ما تقدّم من الوجوه كلّها، ويدلّ على صحّة هذا التأويل أيضًا دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على مضر في غير موطن، وقوله في حديث حُذيفة - رضي الله عنه -: "لا تَدَعُ مُضر عبدًا لله عزَّ وجلَّ مؤمنًا إلا فتنوه، أو قتلوه"، وقد بيّنه حذيفة - رضي الله عنه - حين دخلوا عليه عند قتل عثمان - رضي الله عنه -، حتى ملأوا حُجرته وبيته من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015