قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن رواية حبيب بن أبي ثابت هذه ضعيفة؛ لكثرة المخالفة فيها لروايات الحفّاظ الأثبات، ولأنه كثير التدليس، وأما إخراج المصنّف لها، فجوابه ما تقدّم عن النوويُّ من أنه ذكرها متابعةً، لا أصالةً، والغرض منها تقوية ما سبق من أصل الحديث، بذكر طرقه المتعدّدة، فما اتّفق عليه الحفّاظ، هو المعتمد، ولا يضرّ ذلك ما يقع لبعضهم من المخالفة، إذ الاعتماد على الحفّاظ الأثبات (?)، فليُتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1800] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا (?) ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي مُتَطَوِّعًا (?) مِنَ اللَّيْلِ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى الْقِرْبَةِ، فَتَوَضَّأَ، فَقَامَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ لَمَّا رَأَيْتُهُ صَنَعَ ذَلِكَ، فَتَوَضَّأْتُ مِنَ الْقِرْبَةِ، ثُمَّ قُمْتُ إِلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، يَعْدِلُنِي كَذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ، قُلْتُ: أَفِي التَّطَوُّعِ كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ) بن عثمان الْبُرْسانيّ، أبو عثمان البصريّ، صدوقٌ [9] (ت 204) (ع) تقدم في "الإيمان" 65/ 369.
2 - (ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، تقدّم قريبًا.
3 - (عَطَاءُ) بنَ أبي رباح أسلم القرشيّ مولاهم، أبو محمد المكيّ، ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ فقيهٌ يُرسل [3] (ت 114) (ع) تقدم في "الإيمان" 83/ 442.
والباقيان ذُكرا في الباب.