الحديث: "قال ابن عباس: بِتُّ عند خالتي في ليلة كانت فيها حائضًا"، قال: وهذه الكلمة وإن لَمْ تَصِحّ طريقًا فهي حسنة المعنى جدًّا؛ إذ لَمْ يكن ابن عباس يطلب المبيت في ليلة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها حاجة إلى أهله، ولا يرسله أبوه إلَّا إذا عَلِمَ عدم حاجته إلى أهله؛ لأنه معلوم أنه لا يفعل حاجته مع حضرة ابن عباس معهما في الوسادة، مع أنه كان مُراقبًا لأفعال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أنه لَمْ يَنَمْ، أو نام قليلًا جدًّا. انتهى (?).

(وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَهْلُهُ) وفي نسخة: "هو وأهله" (فِي طُولِهَا) أي: طول الوسادة (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ) وفي رواية للبخاريّ: "حتى انتصف الليل، أو قريبًا منه"، قال في "الفتح": جزم شريك بن أبي نَمِر في روايته بثلث الليل الأخير، ويُجمَع بينهما بأن الاستيقاظ وقع مرّتين، ففي الأولى نظر إلى السماء، ثم تلا الآيات، ثم عاد لمضجعه فنام، وفي الثانية أعاد ذلك، ثم توضأ، وصلي، وقد بيّن ذلك محمد بن الوليد في روايته، وفي رواية الثوريّ، عن سلمة بن كُهيل، عن كريب في "الصحيحين"، وهي الرواية الماضية للمصنّف: "فقام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من الليل، فأتى حاجته، ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة. . . " الحديث، وفي رواية سعيد بن مسروق، عن سلمة الآتية في هذا الباب: "ثم قام قومةً أخرى"، ورواية شعبة، عن سلمة: "فبال"، بدل "فأتى حاجته".

(اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ) أي: يمسح بيده عينيه، من باب إطلاق اسم الحالّ على المحلّ، أو أثر النوم، من باب إطلاق السبب على المسبب، قاله في "الفتح"، وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: يمسح أثر النوم، وفيه استحباب هذا، واستعمال المجاز. انتهى.

(ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ، مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) أولها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخر السورة.

قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه جواز القراءة للمحدث، وهذا إجماع المسلمين، وإنما تَحْرُم القراءة على الجنب والحائض، وفيه استحباب قراءة هذه الآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015