جماعة، كما تقدّم عن الطحاوي، فبطلانه واضح، وكذا القول بأفضليّته في المسجد مطلقًا ليس بصحيح؛ لما ذكرته، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في عدد صلاة التراويح:
قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختُلِف في المختار من عدد القيام، فعند مالك أن المختار من ذلك ستّ وثلاثون؛ لأن ذلك عَمَلُ أهل المدينة المتّصل (?)، وقد قال نافعٌ: لم أُدرك الناس إلا وهم يقومون بتسع وثلاثين ركعة، يوترون منها بثلاث، وقال الشافعيّ: عشرون ركعةً، وقال كثير من أهل العلم: إحدى عشرة ركعةً، أخذًا بحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المتقدّم. انتهى (?).
وقال في "الفتح" ما حاصله: اختُلِف في عدد الركعات التي كان أُبيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه- يصليها بالناس لَمّا أمره عمر -رضي اللَّه عنه-، ففي "الموطأ" عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، أنها إحدى عشرة، ورواه سعيد بن منصور من وجه آخر، وزاد فيه: "وكانوا يقرؤون بالمائتين، ويقومون على العِصِيّ من طول القيام"، ورواه محمد بن نصر المروزيّ، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يوسف، فقال: "ثلاث عشرة"، ورواه عبد الرزاق، من وجه آخر، عن محمد بن يوسف، فقال: "إحدى وعشرين"، ورَوَى مالك، من طريق يزيد بن خُصَيفة، عن السائب بن يزيد: "عشرين ركعةً"، وهذا محمول على غير الوتر، وعن يزيد بن رُومان قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بثلاث وعشرين، ورَوَى محمد بن نصر، من طريق عطاء قال: أدركتهم في رمضان يصلون عشرين ركعة، وثلاث ركعات الوتر.