ولكنه في المسجد، أو في موضع آخر، وإذا كان عند نسائه، فإنما كان لها يوم من تسعة، فيصحّ قولها: "ما رأيته يصليها"، وتكون قد علمت بخبره، أو خبر غيره أنه صلاها، أو يقال: قولها: "ما كان يصليها"؛ أي: يداوم عليها، فيكون نفيًا للمداومة، لا لأصلها، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وقال في "الفتح": وقد اختَلَفَ العلماء في ذلك:
فذهب ابن عبد البرّ وجماعة إلى ترجيح ما اتفق الشيخان عليه، دون ما انفرد به مسلم، وقالوا: إن عدم رؤيتها لذلك لا يستلزم عدم الوقوع، فيقدّم من رُوِي عنه من الصحابة الإثباتُ.
وذهب آخرون إلى الجمع بينهما، قال البيهقيّ: عندي أن المراد بقولها: "ما رأيته يسبّحها"؛ أي: يُداوم عليها، وقولها: "وإني لأسبّحها"؛ أي: أداوم عليها، وكذا قولها: "وما أحدث الناس شيئًا" تعني المداومة عليها، قال: وفي بقية الحديث إشارة إلى ذلك، حيث قالت: "وإن كان لَيَدَعُ العملَ، وهو يحبّ أن يعمله خشية أن يَعْمَل به الناس، فيفرضَ عليهم". انتهى.
وحكى المحبّ الطبريّ أنه جمع بين قولها: "ما كان يصلي إلا أن يجيء من مغيبه"، وقولها: "كان يصليّ أربعًا، ويزيد ما شاء اللَّه": بأن الأول محمول على صلاته إياها في المسجد، والثاني على البيت، قال: ويعكُرُ (?) عليه قولها: "ما رأيته يسبحها قطّ"، ويجاب عنه بأن المنفيّ صفة مخصوصة، وأَخَذَ الجمعَ المذكورَ من كلام ابن حبّان.
وقال عياض وغيره: قولها: "ما صلاها" معناه ما رأيته يصلّيها، والجمع بينه وبين قولها: "كان يصليها" أنها أَخبَرت في الإنكار عن عدم مشاهدتها، وفي الإثبات عن غيرها.
وقيل في الجمع أيضًا: يَحْتَمِلُ أن تكون نفت صلاة الضحى المعهودة حينئذ، من هيئة مخصوصة، بعدد مخصوص، في وقت مخصوص، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما كان يصليها إذا قَدِمَ من سفر، لا بعدد مخصوص، ولا بغيره، كما قالت: