وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحتَمِل أن يكون هذا الإقبال منه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حال سلامه من الصلاة، فإنه كان يبدأ السلام بيمينه، والأظهر أنه كان حين انصرافه من الصلاة، ويكون هذا حين كان يُكثر أن ينصرف عن يمينه، كما قاله أنس -رضي اللَّه عنه-. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: كون هذا الإقبال في حال سلامه هو الأظهر؛ لرواية ابن خزيمة المذكورة آنفًا، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) البراء -رضي اللَّه عنه- (فَسَمِعْتُهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَقُولُ: "رَبِّ) بحذف حرف النداء، كما قال في "ملحة الإعراب":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ ... كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"

(قِنِي) أمر من وَقَى يَقِي، يقال: وقاه اللَّه السُّوءَ يَقِيه وِقَايةً بالكسر: حَفِظه، والْوِقَاءُ، مثلُ كتاب: كلُّ ما وقَيتَ به شيئًا، ورَوَى أبو عُبيد عن الكسائيّ الفتح في الْوَقَاية، والْوَقَاء أيضًا، قاله الفيّوميّ (?). (عَذَابَكَ، يَوْمَ تَبْعَثُ") ظرف لـ "قِنِي"، و"تبعث" بفتح أوله، وثالثه، من باب فتح (أَوْ) للشكّ من الراوي ("تَجْمَعُ عِبَادَكَ") أي: يوم القيامة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث البراء -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [9/ 1642 و 1643] (709)، و (أبو داود) في "الصلاة" (615)، و (النسائيّ) في "الإمامة" (822) وفي "الكبرى" (896)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة" (1006)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 290 و 304)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (1563 و 1564 و 1565)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (2090)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1597)، واللَّه تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015