لطائف هذا الإسناد:
1 - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
2 - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه، فما أخرج له الترمذيّ.
3 - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالكوفيين من أوله إلى آخره.
4 - (ومنها): أن فيه ثلاثةً من التابعين، روى بعضهم عن بعض: الأعمش، وعُمارة، والأسود، وتقدّم الكلام في مناقب ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- غير مرّة.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: لَا يَجْعَلَنَّ) بنون التوكيد المشددة (أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا) الظاهر أنه على حذف مضاف؛ أي: من عبادة نفسه حظًّا للشيطان، أو المعنى: من عند نفسه، لا من تسلط الشيطان وغلبته، يعني: أنه لا ينبغي له أن يفتح بابًا للشيطان بنفسه باعتقاد ما ليس بواجب واجبًا، واللَّه تعالى أعلم.
وفي رواية البخاريّ: "من صلاته" (لَا يَرَى) -بفتح أوله-، أي: يعتقد، ويجوز الضم؛ أي: يَظُنّ.
ووجه ارتباط هذه الجملة بما قبلها، هو إما أن يكون بيانًا للجعل، أو يكون استئنافًا، تقديره: كيف يجعل جزءًا للشيطان من نفسه؟ ، فقال: "يرى أن حتمًا عليه أن لا ينصرف إلخ"، في "العمدة".
(إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ) "حقّا" اسم "أنّ"، وفي رواية النسائيّ: "إلا أن حتمًا عليه"؛ أي: وجوبًا، وقوله: (أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ) في تأويل المصدر خبر "أنّ".
والمعنى: يرى أن حقًّا عليه عدم الانصراف إلا عن يمينه.
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأورد عليه أن "حتمًا"، أو "حقًّا" نكرة، وقوله: "أن لا ينصرف" بمنزلة المعرفة، وتنكير الاسم مع تعريف الخبر لا يجوز.
وأجيب بأنه من باب القلب.