و"التَّعْرِيس": نزول المسافرين آخر الليل للنوم والاستراحة، هكذا قاله الخليل، والجمهور، وقال أبو زيد: هو النزول أَيَّ وقتٍ كان، من ليلٍ، أو نهار، وفي الحديث: "مُعَرِّسُون في نَحْرِ الظهيرة".
وفي رواية البخاريّ أنهم الذين سألوا التعريس، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخاف أن تناموا"، فقال بلالٌ: أنا أُوقظكم، فأخذ، فأخذ لهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ابتداءً بالأحوط، فلما رأى شدّة حاجتهم أباح لهم التعريس.
قال النوويّ: واختلفوا، هل كان هذا النوم مرة أو مرتين؟ وظاهر الأحاديث مرتان. انتهى.
(وَقَالَ لِبِلَالٍ) بن رَبَاح مؤذّن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، المتوفّى سنة (17 أو 18 أو 20) بالشام -رضي اللَّه عنه- ("اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ") أي ارْقُبْ لأجلنا الليلَ، واحفظه، واحرُسْهُ، وهو بهمزة الوصل، وفتح اللام، آخره همزة: فِعْلُ أمر من كَلأ يَكْلأُ، يقال: كلأه اللَّه يكلؤه مهموزًا كِلاءةً بالكسر والمدّ: حَفِظَهُ، ويجوز التخفيف، فيقال: كلَيْتُهُ أكلأه، وكَلِيتُهُ أكلاهُ، من باب تَعِبَ لغة لقريش، لكنّهم قالوا: مكلُوّ بالواو أكثرَ من مَكْليّ بالياء (?).
وقال في "التمهيد" (?): معناه: ارْقُبْ لنا الصبح، واحفظ علينا وقت صلاتنا، وأصل الكِلاءة: الحفظُ والرعاية، والمنعُ وهي كلمة مهموزة، ومنه قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} [الأنبياء: 42]، ومنه قول ابن هرمة:
إِنَّ سُلَيْمَى وَاللَّهُ يَكْلَؤُهَا ... ضَنَّتْ بِشَيْءٍ مَا كَانَ يَرْزَؤُهَا
(فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ) بالبناء للمفعول، أي ما يسّر اللَّه تعالى له من الصلاة (وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ) -رضي اللَّه عنهم- (فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ) أي طلوعه، وظهوره (اسْتَنَدَ بِلَالٌ) ببناء الفعل للفاعل، أي اعتمد، يقال: سند إلى الشيء سُنُودًا، من باب قَعَدَ، وسَنِدتُ أسنَدُ، من باب تَعِبَ لغةٌ، واستندت إليه، بمعنًى، ويتعدّى بالهمزة (?). (إِلَى رَاحِلَتِهِ) أىِ هي المركب من الإبل ذكرًا كان