باليمين، وفيه دليل على جواز اليمين من غير استحلاف، وهي مستحبة إذا كان فيه مصلحة، من توكيد الأمر، أو زيادة طمأنينة، أو نفي توهم نسيان، أو غير ذلك، من المقاصد السائغة، وقدأكثرت في الأحاديث، وهكذا القسم من اللَّه تعالى، كقوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ}، {وَالْمُرْسَلَاتِ}، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (?)}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (?)}، {وَالتِّينِ}، {وَالْعَادِيَاتِ}، {وَالْعَصْرِ (?)}، ونظائرها كل ذلك لتفخيم المقسَم عليه وتوكيده، واللَّه أعلم. انتهى (?).
(فَنَزَلْنَا إِلَى بُطْحَانَ) وفي نسخة: "فنزلنا بُطحان"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو بضم الباء الموحّدة، وإسكان الطاء، وبالحاء المهملتين، هكذا هو عند المحدّثين في رواياتهم، وفي ضبطهم وتقييدهم، وقال أهل اللغة: هو بفتح الباء، وكسر الطاء، ولم يُجيزوا غير هذا، وكذا نقله صاحب "البارع" أبو عُبيد البكريّ، وهو وَادٍ بالمدينة. انتهى.
وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فواللَّه إن صفيتها" يُقَوِّي قول من قال: إنه كان ناسيًا. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الاستنباط محلّ نظرٌ، فتأمله، واللَّه تعالى أعلم.
(فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَتَوَضَّأْنَا) يعني الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ) أي صلاها بهم جماعةً، كما وقع التصريح بذلك في رواية الإسماعيليّ من طريق يزيد بن زُريع، عن هشام، بلفظ: "فصلَّى بنا العصر".
وهذا يقتضي أن الذي فاتهم من الصلاة العصرُ.
لكن وقع في "الموطأ" من طريق أخرى أن الذي فاتهم الظهر والعصر، وفي حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- أنه الظهر والعصر، والمغرب، وأنهم صلَّوا بعد هُويّ من الليل، وفي حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "أن المشركين شغلوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء اللَّه"، وفي قوله: "أربع" تجوّز؛ لأن العشاء لم تكن فاتت.