جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وأمره بالاستقامة على أعمال الطاعات، والانتهاء عن جميع المخالفات؛ إذ لا تتأتّى الاستقامة مع شيء من الاعوجاج، فإنها ضدّه، وكأن هذا القول مُنْتَزَعٌ من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] أي آمنوا بالله، ووحّدوه، ثم استقاموا على ذلك، وعلى طاعته إلى أن تُوُفّوا عليها، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: استقاموا على طاعته، ولم يَرُوغُوا رَوَغَان الثعالب، ومُلخّصه: اعتدلوا على طاعة الله تعالى عقدًا وقولًا وفعلًا، وداموا على ذلك. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (?).

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: قول سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك " طَلَبَ منه - صلى الله عليه وسلم - أن يُعْلِمَهُ كلامًا جامعًا لأمر الإسلام، كافيًا حتى لا يَحتاجُ بعده إلى غيره، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قل: آمنت بالله، ثم استقم"، وفي الرواية الأخرى: "قل: ربي الله، ثم استقم".

هذا مُنْتَزَعٌ من قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)} [فصلت: 30]، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)} [الأحقاف: 13، 14].

وخرّج النسائي في "تفسيره" من رواية سُهَيل بن أبي حزم: حدثنا ثابت، عن أنس، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، فقال: "قد قالها الناس، ثم كفروا، فمن مات عليها، فهو من أهل الاستقامة"، وخرَّجه الترمذيّ، ولفظه: فقال: "قد قالها الناس، ثم كفر أكثرهم، فمن مات عليها، فهو ممن استقام"، وقال: حسنٌ غريبٌ، وسُهَيل تُكُلّم فيه من قِبَلِ حفظه.

وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في تفسير: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال: لم يشركوا بالله شيئًا، وعنه قال: لم يلتفتوا إلى إله غيره، وعنه قال: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015