رحمه الله تعالى: وهذا من النفائس، اجتماع الإسنادين في الكتاب متلاصقين، جميعهم بصريّون، وشعبة، وإن كان واسطيًّا فهو بصريّ أيضًا، فكان واسطيًّا بصريًّا، فإنه انتقل من واسط إلى البصرة، واستوطنها.
4 - (ومنها): أن شيخيه كانا فَرَسي رِهَان في الحفظ، وماتا في سنة واحدة سنة (252)، وهما من المشايخ الذين يروي عنهم أصحاب الكتب الستة بلا واسطة، وهم تسعة، وقد تقدّموا غير مرّة.
5 - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: قتادة، عن أبي السوّار.
6 - (ومنها): أن أبا السوّار هذا أول محلّ ذكره في الكتاب، وهو من المقلّين من الرواية، فليس له عند الشيخين إلا هذا الحديث، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ قَتَادَةَ) قال في "الفتح": كذا قال أكثر أصحاب شعبة، وخالفهم شَبَابة بن سَوّار، فقال: "عن شعبة، عن خالد بن رَبَاح"، بدل قتادة، أخرجه ابن منده، ووقع نظير هذه القصّة، عن عمران بن حُصين أيضًا للعلاء بن زياد، أخرجه ابن المبارك في "كتاب البرّ والصلة". انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: رواية شبابة بن سَوّار التي عزاها في "الفتح" إلى ابن منده لم أهتد إليها في "كتاب الإيمان" له، فإنه أخرج الحديث (1/ 336 - 334) من عدّة طرق، ومن جملتها طريق شبابة بن سَوّار، ولكنها كلها عن شعبة، عن قتادة، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.
(قَالَ) قتادة (سَمِعْتُ أَبَا السَّوَّارِ) بفتح السين المهملة، وتشديد الواو، وبعد الألف راء (يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ) - رضي الله عنهما - (يُحَدِّثُ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ") وفي الرواية التالية: "الحياء خيرٌ كله"، وللطبراني من حديث قُرّة بن إياس: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحياء من الدين؟ فقال: "بل هو الدين كُلُّه"، وللطبراني من وجه آخر عن عمران بن حصين: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة".