هذا فالخلاف في ذلك وقع بين الصحابة، لكن بَيَّن مسلم في رواية ابن عجلان، عن سُمَيّ أن القائل: "فاختلفنا" هو سُمَيّ، وأنه هو الذي رجع إلى أبي صالح، وأن الذي خالفه بعض أهله. انتهى.
وقوله: "وتكبر أربعًا وثلاثين" هو قول بعض أهل سُميّ كما تقدم التنبيه عليه، من رواية مسلم، وقد تقدم احتمال كونه من كلام بعض الصحابة، وقد جاء مثله في حديث أبي الدرداء، عند النسائيّ، وكذا عنده من حديث ابن عمر بسند قويّ، ومثله لمسلم من حديث كعب بن عُجرة، ونحوه لابن ماجه، من حديث أبي ذَرّ، لكن شك بعض رواته في أنهنّ أربع وثلاثون، ويخالف ذلك ما في رواية محمد بن أبي عائشة، عن أبي هريرة، عند أبي داود، ففيه: "ويختم المائة بلا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. . . إلخ"، وكذا لمسلم في رواية عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة، ومثله لأبي داود في حديث أمّ الْحَكَم، ولجعفر الفريابيّ في حديث أبي ذرّ.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ينبغي أن يجمع بين الروايتين بأن يكبر أربعًا وثلاثين، ويقول معها: "لا إله إلا اللَّه وحده. . . إلخ".
وقال غيره: بل يَجمع بأن يَختم مرةً بزيادة تكبيرة، ومرةً بـ "لا إله إلا اللَّه"، على وفق ما وردت به الأحاديث. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الأخير هو المتعيّن في وجه الجمع، وأما ما قاله النوويّ ففيه خروج عن التعليم النبويّ.
والحاصل أن الصواب أنه يكبّر. تارةً أربعًا وثلاثين، فتكون التكبيرة تمام المائة، ويكبّر أحيانًا ثلاثًا وثلاثين، ويختم المائة بـ "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. . . إلخ"، كما ورد التعليم النبويّ بكلّ منهما، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
(إِنَّمَا قَالَ) أي أبو صالح، وفي نسخة: "إنما قال لك" ("تُسَبِّحُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) وفي نسخة: "ثلاثًا وثلاثين مرّةً" (وَتَحْمَدُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ") هذا في رواية المصنّف، والذي عند البخاريّ: "وتكبّر أربعًا وثلاثين"، كما سبق آنفًا.
(فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي صَالِحٍ، فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ) أي ذكرت له اختلافنا فيه (فَأَخَذَ