بالذكر المأثور، ثم يتطوّع؟ وهذا هو الذي عليه عمل الأكثرين، وعند الحنفية يبدأ بالتطوّع.

وحجة الجمهور حديث معاوية -رضي اللَّه عنه-.

ويمكن أن يقال: لا يتعين الفصل بين الفريضة والنافلة بالذكر، بل إذا تنحّى من مكانه كفى.

فإن قيل: لم يثبت حديث التنحّي.

قلنا: قد ثبت في حديث معاوية -رضي اللَّه عنه-: "أو تخرج".

ويترجّح تقديم الذكر المأثور بتقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة.

وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام. وتُعُقّب بحديث: "ذهب أهل الدثور"، فإن فيه: "تسبّحون دبر كلّ صلاة"، وهو بعد السلام جزْمًا، فكذا ما شابهه.

وأما الصلاة التي لا يُتطوّع بعدها، فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعيّن له مكان، بل إن شاءوا انصرفوا، وذكروا، وإن شاءوا مكثوا، وذكروا، وعلى الثاني إن كان للإمام عادة أن يعلّمهم، أو يعظهم، فيستحبّ أن يقبل عليهم بوجهه جميعًا، وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور، فهل يقبل عليهم جميعًا، أو ينفتل، فيجعل يمينه من قبل المأمومين، ويساره من قبل القبلة، ويدعو؟ الثاني هو الذي جزم به أكثر الشافعيّة.

ويحتمل إن قصر زمن ذلك أن يستمرّ مستقبلًا للقبلة، من أجل أنها أليق بالدعاء، ويُحمَلُ الأولُ على ما لو طال الذكر والدعاء. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال بعض المحققين ردًّا على الاحتمال الأخير: الصواب أن المشروع إقبال الإمام على المأمومين بوجهه بعد السلام، والاستغفار، وقول: "اللهم أنت السلام. . . إلخ" مطلقًا؛ لما تقدّم من الأحاديث الصحيحة، واللَّه تعالى أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ما قاله هذا المحقِّق حسنٌ جدًّا، وسيأتي تحقيقه في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015