(ومنها): ما اختاره القاضي عياضٌ أنه إنما أنكر -صلى اللَّه عليه وسلم- نسبة النسيان إليه؛ إذ ليس من فعله، كما قال في الحديث الآخر: "بئسما لأحدكم أن يقول: نسيتُ آية كيتَ وكيتَ، بل هو نُسِّي"، متّفقٌ عليه، أي خُلِق فيه النسيان، وهذا يُبطله قوله أيضًا: "أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكِّروني"، وأيضًا فلم يصدُر ذلك عنه على جهة الزجر والإنكار، بل على جهة النفي لما قال السائل عنه، وأيضًا فلا يكون جوابًا لما سُئل عنه.

والصواب حمله على ما ذكرناه، ولا يلزم عليه شيء من الاستبعادات. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تمام شرحه، ومسائله في الحديث الماضي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1294] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ (?)، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ؟ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 - (حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ) هو: حجّاج بن أبي يعقوب يوسف بن حجّاج الثقفيّ البغداديّ، ثقة حافظٌ [11] (ت 259) (م د) تقدم في "المقدمة" 6/ 40.

2 - (هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزازُ) -بمعجمات- أبو الحسن البصريّ، ثقةٌ، من صغار [9].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015