ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا بهذا الإسناد: صلَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فزاد أو نقص، فلَمّا سَلَّم قيل له: يا رسول اللَّه أَحَدَث في الصلاة شيءٌ؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فَثَنَى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سَلَّم، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: "إنه لو حَدَث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشرٌ أَنْسَى كما تَنْسَوْن، فإذا نسيت فذكِّروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحرَّ الصواب، فَلْيُتِمَّ عليه، ثم ليسجد سجدتين".
فهذه الرواية صريحة في أن التحوُّل والسجود قبل الكلام، فتحمل الثانية عليها؛ جمعًا بين الروايتين، وحمل الثانية على الأولى أولى من عكسه؛ لأن الأولى على وفق القواعد.
[الجواب الثاني]: أن يكون هذا قبل تحريم الكلام في الصلاة.
[الثالث]: أنه وإن تكلَّم عامدًا بعد السلام لا يضُرّه ذلك، ويسجد بعده للسهو، وهذا على أحد الوجهين لأصحابنا أنه إذا سجد لا يكون بالسجود عائدًا إلى الصلاة، حتى لو أحدث فيه لا تبطل صلاته، بل قد مَضَت على الصحة، والوجه الثاني وهو الأصح عند أصحابنا أنه يكون عائدًا، وتبطل صلاته بالحدث والكلام، وسائر المنافيات للصلاة، واللَّه أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: أرجح الأجوبة أولها، وهو حمل هذه الرواية على الرواية السابقة، وهي رواية منصور، عن إبراهيم، وسيأتي عن ابن خزيمة: أنه رجّح هذا التأويل، وقال: إن رواية منصور أرجح.
والحاصل أن هذا الكلام صدر منه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد سجدتي السهو، والسلام من الصلاة، لا قبله، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1289] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا (?) أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: