وهو من التمنية، أي فذكّره الْمَهَانِئ، والأَمَانِيّ، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمراد به ما يَعْرِض للإنسان في صلاته من أحاديث النفس، وتسويل الشيطان، يقال: هَنَأَنِي الطَّعَامُ يَهْنَؤُنِي، وَيهْنِئُنِي، وَيهْنَأُنِي، وهَنَأْتُ الطعامَ: أي تَهَنَّأْتُ بِهِ، وكلُّ أمر يأتيك من غير تَعَبٍ فهو هَنِيءٌ، وكذلك الْمَهْنَأُ، والْمُهَنَّأُ، والجمع الْمَهَانِئُ، هذا هو الأصلُ بالهمز، وقد يُخَفَفُ، وهو في هذا الحديث أشبه؛ لأجل "مَنَّاهُ". انتهى كلام ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هَنُؤَ الشيءُ بالضمّ مع الهمز هَنَاءَةً بالفتح والمدّ: تَيَسَّرَ، من غير مشقّة، ولا عَنَاءً، فهو هَنِئٌ، ويجوز الإبدال والإدغام، وهَنَأَنِي الولدُ يَهْنَؤُنِي مهموز، من بابي نَفَعَ وضرَب، وتقول العرب في الدعاء: لِيَهْنِئْكَ الولد بهمزة ساكنة، وبإبدالها ياءً، وحذفُها عاميٌّ، ومعناه: سَرَّنِي، فهو هانِئٌ، وبه سُمِّي، وهَنَاتُهُ هَنْئا باللغتين أعطيته، أو أطعمته، وهَنَأَنِي الطعامُ يَهْنَؤُنِي: ساغ، ولَذَّ، وأكلته هَنِيئًا مَرِيئًا: أي بلا مَشَقَّة، وَيهْنُؤُ بضم المضارع في الكلّ لغةٌ، قال بعضهم: وليس في الكلام يَفْعُل بالضم مهموزًا مما ماضيه بالفتح غيرُ هذا الفعل، وهَنَّأتُهُ بالولد بالتثقيل، وباسم المفعول سُمِّيَ. انتهى كلام الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
[تنبيه]: رواية الأعرج التي أحالها المصنّف هنا على رواية أبي سلمة، ساقها الحافظ أبو نعيم في "مستخرجه" (2/ 166) فقال:
(1248) حدّثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن الحسن، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرة بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الشيطان إذا ثُوِّب بالصلاة وَلَّى وله ضُرَاطٌ، فإذا فُرخ منها رجع يلتمس الخلاط، فيأتي الإنسانَ (?) فَهَنَّاه ومَنّاه، وذَكَّره من حاجاته ما لم يكن يذكر، حتى لا يدري كم صلّى؟ ". انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.