قال: فعَطَفَ السجود على التكبير الأول بـ "ثم" التي تقتضي التراخي، ولو كان التكبير للسجود لكان معه مصاحبًا له، ولأتى الراوي به بالواو المقتضية للجمع، كما فعل في بقية انتقالات السجود.
قال العلائي: وهذا الاستدلال ليس بالظاهري القويّ، بل هو مُحْتَمِلٌ، أو قريب من الظهور.
وأقوى ما يُستدَل به لذلك ما ثبت عن النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- من التسليم بعد سجود السهو الذي فعله بعد السلام، كما ثبت هذا من حديث عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما- عند مسلم.
والقاعدة تقتضي أن السلام لا يُتحلّل به إلا من عَقْد انعقد قبله بتحرّم، فهذا إذا انضمّ إلى ما قاله القرطبي أفاد قوّةً في تكبيرة الإحرام.
ولكن هذا إذا قلنا بأنه ليس في الصلاة الأولى، أما إذا جعلناه عائدًا إليها كأحد الوجهين لأصحاب الشافعي فيما إذا سلم ناسيًا سجودَ السهو، وكمذهب أبي حنيفة في أن السلام الأول لم يُخرج به من الصلاة، إذ كان عليه سجودُ سهو، فلا معنى هنا لتكبيرة الإحرام، لكن القول بأنه لم يخرج من الصلاة بالتسليم الذي أَتَى به قصدًا بعيدٌ لا وجه له، وقد قال النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم"، فيحتاج من يقول بأنه لا يخرج من الصلاة إذا تعمد التسليم إلى دليل.
وأما التشهّد، فقد روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه جميعًا عن محمد بن يحيى الذهلي: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، أخبرني أشعث، عن ابن سيرين، عن خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما-، أن النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- صلى بهم، فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلّم، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قال العلائي: أشعث هذا هو ابن عبد الملك الحُمراني، وثقه يحيى بن سعيد القطان، والنسائي وغيرهما، وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: خرج حفص بن غياث إلى عَبّادان، فاجتمع إليه البصريون، فقالوا: لا تحدّثنا عن أشعث بن عبد الملك.
ولم يخرّج الشيخان له شيئًا في كتابيهما، لكن البخاري ذكره تعليقًا، وقد