أو النفاق الذي اتُّهِم به ليس نفاق الكفر، إنما أنكر الصحابة عليه تَوَدُّده للمنافقين، ولعل له عذرًا في ذلك، كما وقع لحاطب - رضي الله عنه -، انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الأخير هو الأقرب، والله تعالى أعلم.

(قَالُوا) أي الصحابة المتحدّثون (وَدُّوا) هكذا في هذه الرواية بلفظ الغيبة، وفيه التفات، إذ الظاهر وَدِدْنَا بالتكلّم، أي تمنّوا (أَنَّهُ) - صلى الله عليه وسلم - (دَعَا عَلَيْهِ) أي على مالك (فَهَلَكَ) فيه جواز تمنّي هلاك أهل النفاق والشقاق، والبدع (وَوَدُّوا أَنَّهُ) أي مالكًا (أَصَابَهُ شَرٌ) قال النوويّ: هكذا هو في بعض الأصول "شَرٌّ"، وفي بعضها "بِشَرّ" بزيادة الباء الجارة، وفي بعضها "شيء"، وكله صحيح، انتهى. (فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَاةَ) أي انتهى منها، وسلّم، وفي رواية أبي نُعيم: "فلما قضى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، التَفَتَ إليهم، فقال: أليس يشهد إلخ" (وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ردًّا لما قالوه في مالك - رضي الله عنه - ("أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ "، قَالُوا: إِنّهُ) أي مالكًا (يَقُولُ ذَلِكَ) أي بلسانه (وَمَا هُوَ) أي قوله (فِي قَلْبِهِ) أي لا يعتقده، ولا يستيقن به (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَيَدْخُلَ النَّارَ) بنصب "يدخلَ" بـ "أن" مضمرةً بعد الفاء الجوابيّة للنفي، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَاجَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَترُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

(أَوْ) للشكّ من الراوي (تَطْعَمَهُ) أي تأكله، وفي رواية ابن شهاب: "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الله قد حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله".

(قَالَ أَنَسٌ) أي ابن مالك - رضي الله عنه - الراوي له عن محمود - رضي الله عنه - (فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثُ) وفي رواية أبي نُعيم: "قال أنسٌ: فلقيتُ عتبان بن مالك، فحدّثني بهذا الحديث، فأعجبني، وقلت لابني: فكتبه" (فَقُلْتُ لِابْنِي: اكْتُبْهُ، فَكَتَبَهُ) فيه حرص أنس - رضي الله عنه - على العلم، وشدّة عنايته به، حيث لم يكتف بحفظه، بل أمر ابنه أن يكتبه، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015