له عن رجل من أهل السنة، أنه كان يقول: هذه الأحاديث التي تُرْوَى في الرؤية والكرسيُّ موضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وإن جهنم لتمتلئ، وأشباه هذه الأحاديث، وقالوا: إن فلانًا يقول: يقع في قلوبنا أن هذه الأحاديث حقٌّ، فقال: ضَعّفتم عندي أمره، هذه الأحاديث حقٌّ لا شكّ فيها، رواها الثقات، بعضهم عن بعض، إلا أنا إذا سئلنا عن تفسير هذه الأحاديث لم نُفَسِّرها، ولم نذكر أحدًا يفسِّرها.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد عرفت المراد بالتفسير هنا آنفًا فلا تنس.

قال: وقد كان مالك يُنكر على مَن حدّث بمثل هذه الأحاديث، ذكره أصبغ، وعيسى، عن ابن القاسم، قال: سألت مالكًا عمن يحدث الحديث: "إن اللَّه خلق آدم على صورته"، والحديث: "إن اللَّه يكشف عن ساقه يوم القيامة"، و"إنه يُدخل في النار يده حتى يُخرج من أراد"، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، ونَهَى أن يحدِّث به أحدًا.

قال أبو عمر: وإنما كره ذلك مالك خشيةَ الخوض في التشبيه بكيف هاهنا.

وأخرج عن ابن وضاح: سألت يحيى بن معين عن التنزل؟ فقال: أَقِرَّ به، ولا تَحُدّ فيه بقول، كلُّ مَن لقيت من أهل السنة يُصَدِّق بحديث النزول، قال: وقال لي ابن معين: صَدِّقْ به، ولا تصفه.

وأخرج عن مهديّ بن جعفر، عن مالك بن أنس، أنه سأله عن قول اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك، ثم قال: استواؤه غير مجهول (?)، والفعل منه غير معقول، والمسألة عن هذا بدعة.

وأخرج عن أيوب بن صلاح المخزوميّ قال: كنا عند مالك، إذ جاءه عراقيّ، فقال له: يا أبا عبد اللَّه مسألة أريد أن أسألك عنها، فطأطأ مالك رأسه، فقال له: يا أبا عبد اللَّه {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}، كيف استوى؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015