الحافظ في "النكت الظراف"، كما أسلفته آنفًا، وهذا الرأي منه هو المقدّم والمرجح؛ لموافقته لرأي الإمامين: مسلم، وأبي حاتم الرازي، فقد اتّفق الثلاثة على صحّته من هذا الوجه.
والحاصل أن الحديث صحيحٌ من هذا الطريق؛ فتفطّن، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(4) - (بَابُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا)
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1194] (533) - (حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَن بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ الْخَوْلَانِي، يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ، حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (?): إِنَّكُمْ قَدْ كثَرْتُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ (?) رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا للَّهِ تَعَالَى -قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"، ابْنُ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ: "مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى) بن حسّان المصريّ، يُعرف بابن التستريّ، صدوقٌ تُكلّم في بعض سماعه، قال الخطيب: بلا حجة [10] (ت 243) (خ م س ق) تقدم في "الإيمان" 8/ 134.
2 - (عَمْرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاريّ مولاهم، أبو أيوب المصريّ، ثقةٌ ثبتٌ فقيهٌ [7] (ت قبل 150) (ع) تقدم في "الإيمان" 16/ 169.