الكفر، كما جرى لكثير من الأمم الخالية، ولما احتاجت الصحابة -رضوان اللَّه عليهم أجمعين- والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين كثر المسلمون، وامتدّت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حُجْرة عائشة لمَدْفَن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصاحبيه: أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- بنوا على القبر حيطانًا مرتفعةً مستديرةً حوله؛ لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوامّ، ويؤدي المحذور ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرّفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر، ولهذا قال في الحديث: "ولولا ذلك لأُبرز قبره، غير أنه خُشِي أن يُتَّخَذ مسجدًا". انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جندب بن عبد اللَّه البجليّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخرجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [3/ 1193] (532)، و (النسائيّ) في "التفسير" من "الكبرى" (11123)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (1192)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1173)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (2/ 168 رقم 1686)، وفوائد الحديث تقدّمت، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي سند هذا الحديث: "ثنا زكرياء بن عديّ، عن عبيد اللَّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مرّة، عن عبد اللَّه بن الحارث النجراني، قال: حدّثني جندبٌ".
هذا مما استدركه الدارقطنيّ على مسلم، وقال: خالف عبيد اللَّه فيه أبو عبد الرحيم (?)، فقال: عن جميل النجرانيّ، عن جندب، وجميل مجهول، والحديث محفوظ عن أبي سعيد وابن مسعود، وقال غيره: وقد ذكر النسائيّ