وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وجاء الناسُ كافّة، قيل: منصوب على الحال، نصبًا لازمًا، لا يُسْتَعْمل إلا كذلك، وعليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} الآية [سبأ: 28]، أي إلا للناس جميعًا، وقال الفراء في "كتاب معاني القرآن": نُصِبت؛ لأنها في مذهب المصدر، ولذلك لم تُدْخِل العرب فيها الألف واللام؛ لأنها آخرٌ لكلام، مع معنى المصدر، وهي في مذهب قولك: قاموا معًا، وقاموا جميعًا، فلا يُدخلون الألف واللام على "معًا"، و"جميعًا"، إذا كانت بمعناها أيضًا، وقال الأزهريّ أيضًا: "كافّةً" منصوب على الحال، وهو مصدر على فَاعِلَةٍ، كالعافية، والعاقبة، ولا يُجْمَع، كما لو قلت: قاتلوا المشركين عامّةً، أو خاصّةً، لا يُثَنَّى ذلك، ولا يُجْمَع. انتهى (?).
وقوله: (وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ") فعلٌ ونائب فاعله، وزاد في رواية أحمد: "مثلي ومثل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كمثل رجل بَنَى قصرًا، فأكمل بناءه، وأحسن بُنيانه، إلا موضع لَبِنَةٍ، فنظر الناسُ إلى القصر، فقالوا: ما أحسن بنيان هذا القصر، لو تَمّت هذه اللَّبِنَة، ألا فكنت أنا اللبنةَ، ألا فكنت أنا اللبنة".
وهذا الحديث بمعنى قوله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} الآية [الأحزاب: 40]، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1172] (523)، و (الترمذيّ) في "السير" (4/ 123)، و (ابن ماجه) في "الطهارة" (567)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 411 - 412)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (2313)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (1170 و 1171)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1153 و 1154)، و (البيهقيّ)