الثوب في حَقْويه، بل يتوشّح بهما على عاتقيه؛ ليحصل الستر لجزء من أعلى البدن، وإن كان ليس بعورة، أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد وردت أحاديث في كيفيّة الصلاة في الثوب الواحد، وهو أن يُخالف بين طرفي الثوب على عاتقيه، وهو التوشّح المذكور فيما أخرجه البخاري، وأبو داود من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: أشهد أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من صلى في ثوب واحد، فليخالف بين طرفيه"، لفظ البخاريّ، ولفظ أبي داود: "إذا صلى أحدكم في ثوب، فليخالف بطرفيه على عاتقيه".

وهذا فيما إذا كان الثوب يتّسع لذلك، وأما إذا كان ضيّقًا، فليُصلّ به متّزِرًا؛ لما أخرجه الشيخان من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: خرجت مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض أسفاره، فجئت ليلةً لبعض أمري، فوجدته يصلي، وعليّ ثوب واحدٌ، فاشتملت به، وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال: "ما السُّرَى يا جابر؟ "، فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: "ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ " قلت: كان ثوبٌ -يعني ضاق- قال: "فإن كان واسعًا فالتَحِف به، وإن كان ضَيِّقًا فاتزر به"، ولفظ مسلم: "إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيّقًا، فاشدُده على حِقْوِك" (?).

وقد أورد المصنّف بعد هذا أحاديث تبيّن الكيفيّة أيضًا، وسنزيد عند شرحها بيانًا وإيضاحًا وشرحًا -إن شاء اللَّه تعالى-.

[فائدة]: "العاتق": ما بين المنكب والعنق، مُذَكّرٌ، وقد أُنِّث، وليس بِثَبَتٍ، وزعموا أن هذا البيت مصنوع، وهو:

لَا نَسَبَ الْيَوْمَ وَلَا خُلَّةٌ ... اتَّسَعَ الْفَتْقُ عَلَى الرَّاتِقِ

لَا صُلْحَ بَيْنِي -فَاعْلَمُوا- وَلَا ... بَيْنَكُمْ مَا حَمَلَتْ عَاتِقِي

وَلَا سَيْفِي وَمَا كُنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قَرْقَرَ قُمْرُ الْوَادِي بِالشَّاهِقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015