إلى أخ لنا نعوده، فدخلا على عبادة، فقالا: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت بنعمة من الله وفضل. قال عبد الصمد بن سعيد في "تاريخ حمص"، وهو أول من ولي قضاء فلسطين. ومن مناقبه ما ذُكِرَ في "المغازي" لابن إسحاق: حدثني أبي إسحاق بن يسار، عن عبادة بن الصامت قال: لما حارب بنو قينقاع بسبب ما أمرهم عبد الله بن أُبَيّ، وكانوا حلفاءه، فمشى عبادة بن الصامت، وكان له حِلْف مثل الذي لعبد الله بن أُبَيّ، فخلعهم، وتبرأ إلى الله ورسوله من حِلْفهم، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى} [المائدة: 51].

وذكر خليفة أن أبا عبيدة ولّاه إِمْرَة حمص، ثم صرفه، ووَلَّى عبد الله بن قُرْط. وروى ابن سعد في ترجمته من طريق محمد بن كعب القرظي، أنه ممن جمع القرآن في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكذا أورده البخاري في "التاريخ" من وجه آخر عن محمد بن كعب، وزاد: فكتب يزيد بن أبي سفيان إلى عمر، قد احتاج أهل الشام إلى من يُعَلِّمهم القرآن، ويفقههم، فأرسل معاذًا وعبادة وأبا الدرداء، فأقام عبادة بفلسطين. وقال السراج في "تاريخه" حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن جنادة: دخلت على عبادة، وكان قد تفقه في دين الله. هذا سند صحيح. وفي مسند إسحاق بن راهويه، و"الأوسط" للطبراني من طريق عيسى بن سنان، عن يعلى بن شداد، قال: ذكر معاوية الفرار من الطاعون، فذكر قصة له مع عبادة، فقام معاوية عند المنبر، بعد صلاة العصر، فقال: الحديث كما حدثني عبادة، فاقتبِسُوا منه، فهو أفقه مني. ولعبادة قصص متعددة مع معاوية، وإنكاره عليه أشياء، وفي بعضها رجوع معاوية له، وفي بعضها شكواه إلى عثمان منه، تدل على قوته في دين الله، وقيامه في الأمر بالمعروف.

ورَوَى ابن سعد في ترجمته أنه كان طِوَالا جميلًا جسيمًا، ومات بالرملة سنة أربع وثلاثين، وكذا ذكره المدائني، وفيها أرّخه خليفة بن خياط، وآخرون منهم من قال: مات ببيت المقدس. وأورد ابن عساكر في ترجمته أخبارًا له مع معاوية، تدل على أنه عاش بعد ولاية معاوية الخلافة، وبذلك جزم الهيثم بن عديّ، وقيل: إنه عاش إلى سنة خمس وأربعين. قاله في "الإصابة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015