رسوله بالحقّ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ الله، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا) أي بهاتين الكلمتين (عَبْدُ) حال كونه (غَيْرَ شَاكٍّ) في مدلولهما (فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: رويناه بنصب"يُحجب"، ورفعه، فالنصب بإضمار "أن" بعد الفاء في جواب النفي، كما قال في "الخلاصة":
وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْي أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ
وهذا الوجه هو الأَظهر، والأجود، وفي الرفع إشكالٌ؛ لأنه يرتفع على أن يكون خبرًا لمبتدإ محذوف، تقديره: فهو يُحجب، وهو نقيض المقصود، فلا يستقيم المعنى حتى يقدّر "لا" النافية، أي: فهو لا يحجب، ولا تُحذف "لا" النافية في مثل هذا. انتهى (?).
وتخريج الحديث، وبيان المسائل المتعلّقة به تقدّما في الحديث الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبسندنا المتصل إلى المؤلّف رحمه الله تعالى المذكور أول الكتاب قال:
[147] (29) - (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ - يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ - عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِت، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَابْنُ أَمَتِه، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ").
رجال هذا الإسناد: ستةٌ:
1 - (دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ) - بضم الراء مصغرًا - الهاشميّ مولاهم، أبو الفضل الْخُوَارَزميّ، نزيل بغداد، ثقة [10].
رَوَى عن هشيم، والوليد بن مسلم، ومُعَمَّر بن سليمان، ويحيى بن أبي زائدة، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن علية، وإسماعيل بن عياش، وغيرهم.