والسامع، ومنهم من شَرَط في صحته تقدم إذن الإمام، والأول أصحّ، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": فيه جواز رفع الصوت بالتكبير؛ ليسمعه الناس ويتبعوه، وأنه يجوز للمقتدي اتّباعُ صوت المكبر، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، ونقلوا فيه الإجماع، وما أراه يصحّ الإجماع فيه، فقد نَقَل القاضي عياض عن مذهبهم أنّ منهم من أبطل صلاة المقتدي، ومنهم من لم يبطلها، ومنهم من قال: إن أذن له الإمام في الإسماع صح الاقتداء به، وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة الْمُسْمِع، ومنهم من صححها، ومنهم من شرط إذن الإمام، ومنهم من قال: إن تكَلَّف صوتًا بطلت صلاته، وصلاة من ارتبط بصلاته، وكلُّ هذا ضعيف، والصحيح جوازُ كل ذلك، وصحة صلاة الْمُسْمِع والسامع، ولا يعتبر إذن الإمام. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.
18 - (ومنها): أنه استَدَلَّ به الطبريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- على أن للإمام أن يقطع الاقتداء به، ويقتدي هو بغيره من غير أن يقطع الصلاة، وعلى جواز إنشاء القدوة في أثناء الصلاة، وعلى جواز تقدّم إحرام المأموم على الإمام؛ بناءً على أن أبا بكر كان دخل في الصلاة، ثم قطع القدوة، وائتمّ برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو ظاهر الرواية، ويؤيِّده أيضًا أن في رواية أرقم بن شُرَحبيل، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "فابتدأ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- القراءة من حيث انتهى أبو بكر". انتهى (?)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم.
19 - (ومنها): أنه استُدِلّ به على صحة صلاة القادر على القيام قائمًا خلف القاعد، خلافًا للمالكية مطلقًا، ولأحمد حيث أوجب القعود على مَن يصلي خلف القاعد، وقد سبق تحقيق القول في ذلك، وأن الأرجح جواز الاقتداء للقادر قائمًا وقاعدًا، كما هو أحد القولين عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، واللَّه تعالى أعلم.
20 - (ومنها): أنه استُدِلّ بهذا الحديث على أن استخلاف الإمام الراتب إذا اشتَكَى أولى من صلاته بهم قاعدًا؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- استَخْلَف أبا بكر -رضي اللَّه عنه-، ولم